العدد 1 يناير كانون الثاني 2023

273 |

الدراســين تميز القناة إلى التحول الذي أحدثته في المشــهد اإلعالمي؛ إذ لم يألف المواطن العربي الوصول المباشــر والفوري إلى األحداث، ولم يعتد ســماع الرأي والرأي اآلخر في تغطية األحداث والقضايا التي يناقشــها هذا اإلعالم. لذلك أثبتت الجزيرة أنها قناة الشعوب عبر تقديم المحتوى الذي يحتاج الناس إلى معرفته خالفًا للقنــوات العربية األخرى في ذلك الوقت، والتي كان جميعها قنوات رســمية تقدِّم المحتوى الذي تريد الدولة بثه. ويبــدو األمر غير المألوف الذي وجــده المواطن العربي في قناة الجزيرة ممث ًل في عدم سيطرة الجهات الرسمية على المحتوى اإلعالمي؛ مما ساعد القناة على ترسيخ وجودهــا في المشــهد اإلعالم العربي، كما لم تعط دولــة قطر أي أهمية مميزة في أخبارها وتغطياتها، وعملت أيضًا على إشباع احتياجات المشاهدين العرب المعرفية والثقافية والسياسية التي كانت أهم بالنسبة للمواطن العربي من أي موضوع آخر. وهنا، تتساءل الدراسة: لماذا تمثِّل الجزيرة ظاهرة إعالمية؟ بمتغيرات متعددة، منها الحرفية التي يتميز بها العاملون " ظاهرة الجزيرة " تفسر الدراسة في القناة، فهم األفضل تأهي ًل ويمثِّلون نخبة من الصحفيين والمذيعين الذين يملكون الرأي " خبرة أكبر على المستوى المحلي والدولي. كما تميزت الجزيرة بتبنيها لشعار ، الذي فســح المجال أمام جميع األطراف واألصوات العربية للتعبير " والرأي اآلخر عن آرائها ومواقفها. وقد أســهم ذلك في ترســيخ صورة الجزيرة في أذهان العرب، والتي تطلع المشاهد على جميع الروايات؛ األمر الذي يطمئنه أن القناة تختلف عن القنوات األخرى التي تســتبعد وجهات النظر المخالفة. من جانب آخر، أدى شــعار القناة إلى خلق نوع من الرهاب في بعض األنظمة العربية التي بدأت تنظر إلى الجزيرة باعتبارها مصدرًا لالضطراب، وخلق حالة من عدم االستقرار واالرتباك؛ فاستضافت أصوات قوى المعارضة العربية، وكذلك القوى اإلسالمية المعتدلة والراديكالية التي تعبر عن آرائها وتنتقد الزعماء العرب الذين كانوا رموزًا لم يعتادوا على النقد. كمــا تميــزت الجزيرة باختيارها لموضوعات برامجهــا الحوارية التي غالبًا ما تكون موضوعات حساسة؛ حيث تكثر المحرمات في العالم العربي، مثل الفساد الحكومي، واألصوليــة اإلســ مية، والحقوق المدنية للمرأة، وتعــدد الزوجات. ويتمتع مذيعو القناة بالجرأة في طرح أية قضية حساســة أو مثيرة للجدل، كما تتمتع القناة بالحرية

Made with FlippingBook Online newsletter