العدد 4 – يوليو تموز 2024

501 |

مقدمة شـهدت دول اخلليـج العـريب خالل العقـود اخلمسـة املاضية تحـوالت سياسـية واقتصادية واجتامعيــة بــارزة شــ َّكَلت صورتـها احلاليــة. فقــد وجــدت معظــم الــدول اخلليجيــة نفسـها عىل مشـارف االسـتقالل يف الوقـت الـذي كانـت تسـعى لتحقيـق متطلبـات بنـاء الدولـة احلديثـة ورضورة االنتقـال بمجتمعاتـها نحـو احلداثـة والتنميـة؛ إذ متكنـت مـن االسـتفادة مـن عائـدات الصـادرات النفطيـة ووظفتهـا يف بنـاء البنيـة التحتيـة وعالقاتـها اخلارجــية. سـمحت منافـع االقتصـاد الريعـي لـهذه الـدول باإلنفـاق عىل املؤسسـات اإلخباريـة الرسـمية غري التجاريـة التـي اتسـمت بخضوعهـا لسـيطرة احلكومـات، بيـنام حافظـت الصحـف عىل هامـش أوسـع إىل حـ ٍّد مـا مـن حريـة التعـبري واالخـتالف. وقبـل النمـو الرسيــع للقنــوات الفضائيــة العربيــة يف أنحــاء املنطقــة ويف دول املهجــر، كان البــث عـ ًا لســيطرة الدولــة، كام أن جــز ًءًا كــب ًريًا مــن املحتــوى � التليفزيــوين واإلذاعــي خاض اإلخبــاري والربامـجي كان دعايــة حكوميــة خالصــة، ومل تكــن هنــاك ســوى مســاحة ــحدودة ــج ًّدًا لرباــمج املناقــشة أو املحــتوى املــعريف أو حمــتوى الــشؤون اجلارــية. ومتيـزت هـذه الـفرتة خالل النصـف الثـاين مـن القـرن العرشيـن بنظام مسـتقر ملامرسـات اسـتهالك األخبـار يف التليفزيـون احلكومـي السـائد آنـذاك، لكـن يف الوقت ذاته شـهدت تلـك السـنوات قفـزة هائلـة، سـواء يف الـحراك السـيايس أو التطـور التكنولوجـي؛ مـا ــثر يف التواــصل اإلنـسـاين والعالــقات املجتمعــية وإــعادة تــشكيل ــهذه املامرــسات. � أ عىل املسـتوى الـدويل، وبعـد مخسـة عقـود مـن الـحرب البـاردة التـي اسـتخدمت فيهـا السياسـة واألسـلحة واالقتصـاد واإلعالم كجهـد دعائـي كـبري، أصبحـت التسـعينات ثـِل نقطـة تـحول رئيسـية، خاصـة ملنطقـة العـامل العـريب. لقـد � مـن القـرن العرشيـن مت ) للـدول الصـغرية بالتحـرك يف املجـال 1991 - 1947 سـمحت هنايـة الـحرب البـاردة ( العـام، واالنتقـال مـن مركـز قـوة إىل آخـر، وأتاحـت الفرصـة للجهـات الفاعلـة مـن ) للظهــور عىل الســاحة؛ حيــث كان ســقوط الســتار Non state actors غري الــدول ( احلديـدي نقطـة تـحول وبعدهـا مل يعـد مـن املمكـن إنـكار أمهيـة اجلهـات الفاعلـة مـن غري الـدول يف العالقـات الدوليـة. وقـد صاحـب ذلـك موجـة مـن الديمقراطيـة العاملية؛

Made with FlippingBook Online newsletter