كتاب تغطية الجزيرة للحرب الروسية الأوكرانية

في مكتب الرئاســة أنشــط بل أنفع من حساب رئيس الوزراء نفسه، وأحيانا من وزارة الدفاع والخارجية، بينما كان األمر صارما في وكالة األنباء الروسية، ونابعا من المسؤولين كل بحسب اختصاصه. لكن ذلك أيضا لم يســعفني، على األقل في الجانب األوكراني؛ فحســاب أو الرســمية األخرى " يوكراين فورم " وصفحة وكالة األنباء األوكرانية الرســمية ، كانا غاية في البطء فيما يخص الخدمة باللغة اإلنجليزية، وأسرع بدرجة " يونان " منها باللغات األوكرانية والروسية، وما كنت في بداية األمر أحبذ استخدام مترجم غوغــل لعــدم الثقة بدقة ترجمته، لكنه حقا أثبت جدارة ونفعا، خاصة أن األيام بينت دقة الترجمة فعليا، وكانت تقتصر مشكلتها على الصياغة غير المرتبة. وألنني كما ذكرت لم أجد ضالتي في المصادر الرسمية فقد بدأت أبحث عن مصادر أخرى، ومما اكتشفته مذ كنت في أذربيجان أن هذا الجزء من العالم يعتمد كليًّا في التواصل وتناقل األخبار على تطبيق التليغرام والفايبر، حتى لكأنك ال تســمع ذكرا للواتس آب ومجموعاته هنا، أو حتى تويتر، وكنا في كثير من األحيان ننقل ما تبثه كبرى هذه المجموعات من أخبار وفيديوهات بعد التثبت منهــا، حتــى أصبحت مصدرا يمكن االعتماد عليه، إذ إنها في كثير من األحيان كانت تسبق المصادر الرسمية. وهنا البد أن أذكر أحدها على وجه الخصوص؛ فعندما وصلت إلى البالد كانت هناك مجموعة ال يصل عدد المشتركين فيها إلى خمسين أو سبعين ألفا، وإن لم يكن ذلك بالرقم القليل على التليغرام، أما اآلن فإن عددهم قد ناهز مليونًا وثالثمئة ألف مشترك. تغطيتي للحرب في سوريا كما ذكرت ساعدتني على توقع بعض المسارات وماهية ما ســيحدث، وخاصة عمليات الحصار لبعض المناطق، واالســتخدام المفــرط للقــوة حتى ضد المدنيين، وأننا بال ريب ســنكون أمام موجات نزوح ، وإن 2022 كبرى خاصة مع بدء الهجوم فجر الرابع والعشرين من فبراير/شباط كان الهجوم قد باغتني أنا شخصيًّا؛ إذ كنت في القطار حينها متوجها من كييف إلى ماريوبول مساء الثالث والعشرين من فبراير/شباط، و كان من المفترض أن يصل القطار عند الســاعة الثامنة أو التاسعة صباحا إلى ماريوبول، لكن الهجوم بدأ فجر الرابع والعشرين... استيقظت على طنين الهاتف الذي كان ال يتوقف،

100

Made with FlippingBook Online newsletter