البيالروسية، كانوا يتوجهون فورا إلى الحدود الفاصلة بين بيالروسيا وبولندا أمال في السماح لهم بالعبور أو بالتسلل. لكن ما حدث لهم بعد ذلك، كان أسوأ مما توقعوا جميعا. علــى خالف ما حدث مع األوكرانيين، أُغلقت حدود البلد في وجوههم. لم يســمح لهم بالعبور ومنعوا من التســلل، ليجدوا أنفسهم يقضون أيام الشتاء القاســية في العراء في غابة على الجانب اآلخر في بيالروسيا حيث تنزل درجة الحرارة إلى ما دون الصفر ليًلً. كان القرار البولندي ومن ورائه األوروبي حاسما: لن يسمح لالجئ واحد بالدخول. ومن تمكن من الدخول وعثر عليه اقتيد مباشــرة إلى السجن. وهناك روايات أكثر فظاعة لم يكن ممكنا التأكد منها. هكذا حضرت السياسة وغابت اإلنسانية. ولكم أن تتصورا حجم المآسي التي تخلفها حالة بهذا التعقيد! قضى عشــرات الالجئين جوعًا وبردًا بعد أن حاولوا عبور غابة متشــابكة األغصان ال يُعرف لها قرار، وعاش اآلخرون أسوأ أيامهم وهم يعانون قلة الزاد في برد شديد وقد أحاط بهم عسس وحرس فال يمكنهم العبور إلى حيث يبغون وال العودة من حيث أتوا. ال أحد يزعم أنه أَلم بحجم المأســاة كلها. فجزؤها المخفي كان أكبر من ظاهرها، ومســرحها غابات ال يصلها أحد، لكن قد كنا شهودا على جزء صغير مما حدث... في ليلة باردة، وبعد أن آوينا كل إلى غرفة في فندق صغير في بلدة معزولة على الحدود ال يتجاوز تعداد سكانها ثالثة آالف نسمة، توصلت برسالة قصيرة على مجموعة على تطبيق تيلغرام يديرها نشطاء حقوقيون ومدافعون عن الالجئين. تقول الرســالة إنهم عثروا على الجئَيْن ســوريين وقد أوشكا على الموت بردًا وجوعًا وسط الغابة. كان هؤالء النشــطاء قد شــكلوا شبكة من السكان المحليين الذين يعرفون مداخل الغابة ومخارجها ينتظمون في ما يشــبه الدوريات بحثًا عن التائهين من الالجئين.
112
Made with FlippingBook Online newsletter