كتاب تغطية الجزيرة للحرب الروسية الأوكرانية

عليكم ارتداء الســتر الواقية والخوذات من " ومعدّاته الثقيلة حجبته عنا، قال لنا وأعطانا مجموعة نصائح كان أبســطها مرعبًا لصحفي يدخل منطقة حرب " اآلن ألول مرة منذ سنوات، فقد غطيت الحرب بين القوات العراقية المدعومة أمريكيًّا وتنظيم الدولة في أواســط عام ألفين وســبعة عشرَ، ومع ذلك شعرت بالخوف وتيقنت أن األمر ليس يســيرا، وأن حماستي التي رافقتني من موسكو قبل أربع وعشرين ساعة، يجب الحد منها سريعا وتحجيمها، حتى نتعرف على األوضاع في هذه المنطقة. مرّت ساعتان قبل أن نصل إلى منطقة بدت فيها مشاهد الدمار التي تركتها اآللــة العســكرية بالغة جدًّا. وألن اإلجراءات األمنيــة محكمة أيضًا، لم أعرف -ومثلــي كثيــر من الصحفيين الذين لم يــزوروا أوكرانيا بعد بدء الحرب- أين نحن! وبعد حديث ســريع داخل باص الصحفيين الممتلئ بنا وبمعداتنا الثقيلة، عرفــت أننا في ماريوبــول، المدينة المنكوبة والمدمرة والمنهارة، وكل شــيء يعكــس أثر الحرب ودمارها الذي يبدو جليًّا في هذه المدينة، حتى قبل النزول وقبل أن تطأ أقدامنا أراضيها، كنا نشــاهد تلك الصور الدامية من خلف زجاج الباص المخدّش أحيانا، والمبتل بقطرات مطر حالت بين أعيننا والميدان، لتخلق صورة ضبابية. أحاول خطف بعض التفاصيل بعيني، أول ما فكرت فيه وبدأت أردده مع أين الناس؟ أين " زميلتي المصورة هدى رحمة حينًا، وبيني وبين نفسي حينًا آخر: المدنيون؟ هل ال يزال أحد هنا؟ كيف يعيش من بقوا أحياء هنا؟ أسئلة أخرى كثيرة كانت تدور في ذهني لم أجد لها إجابات، غير أن السؤال األصعب الذي جال بخاطري هو: هل هناك من لديه الحق في شــن هذه الحرب؟ وهذا أحد األسئلة التي لم أجد لها إجابة، وال أعتقد أنني سأجدها يوما، فما عرفناه دائما أن ال فائز في الحرب، وإن انتصر أحد األطراف المتنازعة. ال أعــرف أيــن نتجه، أعرف فقط أننا اآلن في منطقة حرب تســيطر عليها القوات الروســية والموالون لها بعد أن كانت أراضي أوكرانية، بغض النظر عن كل التفاصيل األخرى وما تعرّضت له هذه المناطق الناطقة بالروسية منذ سنوات، والخالف القومي بينها وبين القيادة األوكرانية الحالية كما يُشاع.

128

Made with FlippingBook Online newsletter