كتاب تغطية الجزيرة للحرب الروسية الأوكرانية

دائمــا، وعلــي فقط أن أكون جاهزا ألي تفصيل فاتني، بقدر ما كان واقعا على كل صحفي التعايش مع متغيراته في الميدان، ليكتســب عمله قيمة نوعية تميزه عن غيره. انتهــى اليــوم بعد ثماني ســاعات عمل وترقب واكتشــاف، وتوجهنا إلى دونيتســك، تحديدا إلــى مركز المقاطعة، وصلنا إلى هنــاك، وكان في انتظارنا زمالؤنا المرابطون في المدينة منذ شهور، شعرت بأنني نجوت من شيء ما ال أعرفه حتى اآلن، وبعد قســط قليل من الراحة اجتمعنا وعرفت من زميلي أمين درغامي بعض التفاصيل بشــأن الحرب واألخبار الكثيرة المتواترة، واألصوات أيضــا.. نعم أصوات القصف في الليل، ذاك اإليقاع الذي يقطع صمت المدينة في ســاعات حظر التجوال التي تبدأ في الحادية عشــرة مساءً، قال لي أمين هذا أمر طبيعي، لكن ال تخف، فبعض هذه األصوات لقذائف أو صواريخ تنطلق من ! انتهى " هذا صوت صاروخ نزل هنا " هنا، بعد ثوان سمعنا صوتا جديدا، فقال لي الليــل منهيًا معــه يوما منهكا صعبا، انقضى بين الطرق ودمار الحرب وأصوات . " الدمار طال كل شيء " القصف وصوت رجل مسن يقول خيرسون.. المدينة المجهولة ســاعات قليلة من الراحة انطلقنا بعدها في تمام الخامســة من صباح يوم الخميس التاســع عشــر من مايو/أيار إلى خيرســون، المقاطعة األوكرانية التي ســيطرت عليها القوات الروســية دون قتال حقيقي، وأعني هنا مشاهد القصف وآثــار الحرب التي بدت واضحة عند مدخل المدينة فقط، أما مرافقها األخرى في الداخل فكانت ال تزال على هيئتها، وهذا ما شاهدته عند دخولنا بعد إحدى عشرة ساعة استغرقناها في الطريق إلى هناك برفقة الجيش الروسي. صحيح أن شكل المدينة يبدو طبيعيا، لكنه دون مالمح أو ألوان، ألن نصف سكانها غادروها بعد سيطرة الجيش الروسي وتنصيب حاكم موال لموسكو على المقاطعة. أُخذت منا هواتفنا المحمولة قبل الدخول لدواع أمنية، لكنّنا اكتشــفنا فيما بعــد أننا ســنبقى من دونها في الليلة األولى (عرفــت الحقا أن الجو العام في المقاطعــة ال يرغــب في وجود الروس وكل من يأتي معهم)، ســمعنا أصوات

130

Made with FlippingBook Online newsletter