مــرَّة مــن األهالي لتوثيق قصصهم، فهم لم يعودوا يصدِّقون شــيئا من القادمين مــن الخارج أو األجانب لكثرة التجــارب التي مروا بها، ومرة أخرى موافقات رســمية نحتاج إليها للحديث مع مســؤول هناك، وبيــن هذا وذلك لم نحصل على شيء، ومن وعدوا باستقبالنا من المسؤولين في ماريوبول اختفوا. الروتين اليومي مستمر.. قرّرنا أخيرا الذهاب إلى هناك دون تنسيق مع أحد، فقط نذهب ونرى ونحاول تنفيذ ما يجول في أذهاننا في تلك اللحظة. ، ذلك " تقرير الصدفة " كان أنســب وصف للتقرير الذي سأســرد قصته هو ألننا ذهبنا إلى ماريوبول ولم يكن أحد ينتظرنا ســوى شخص كانت عيناه على مساعدات، فاصطحبنا معنا بعض الزمالء والمحسنين.. وصلنا إلى مكان إقامته ولم نجده فاضطررنا إلى انتظاره قرابة نصف ســاعة، وخالل هذه الفترة وجدنا أحد المارة من سكان الحي، وهو جار للشخص المقصود، فسألناه عما إذا كان يعرف مكان بعض القبور المنتشرة بين المباني السكنية، أو بعض ذوي الضحايا، .. يا للصدفة! سألته ما إذا كان لديه " نعم بالقرب منا، وقد دفنتهم بيدي " فأجابنا: أي اعتــراض علــى التصوير معه بعد أن يدلنا على تلــك القبور، فأجابنا ثانية: . ومن هنا بــدأت الكاميرا تعمل، ووثّقنا كل " بالطبــع ال اعتــراض؛ تعالوا معي " كالمه والطريق إلى القبور المجهولة وســط المســاكن.. كان علي أن أوثق كل شــيء، فأنا هنا دون تنســيق مع أحد.. دلَّنا على قبر مشترك لسيدتين قتلتا أثناء القصف (لم يبلغنا ما إذا ما كان القصف أوكرانيًّا أم روسيًّا)، بعض المارة عرفوا لماذا نحن هنا فدلونا على قبور أخرى وســط المســاكن.. كانت عديدة، بعضها بال شاهد وال تفاصيل سوى تاريخ الوفاة. انتقلنــا بعد ذلك إلى المقبرة الرئيســية في ماريوبول، كانت كبيرة ونصفها تقريبــا لمــن قضوا أثناء المعارك األخيرة، كان المشــهد فظيعــا.. آالف القبور شــواهدُها أرقام فقط، هناك فكرت في أن نجد عائلة تبحث عن فقيدها وســط هذه األرقام التي قاربت أربعة آالف، وبعد لحظات وجدتها. هنالك عائلة وسط المقبرة، وســط القبور الجماعية، لحقــت بهم فإذا بهم يحملون ورقة فيها رقم فقــط. أبدوا الموافقة علــى تصويرهم فرافقناهم، كانوا حيــارى يلفهم الحزن، فهم يبحثون عن والدة الســيدة التي يرافقهــا زوجها وابنها الصغير في المقبرة، كانت هي الصور التي أنتظر، رسمتها في مخيلتي ليكون للقصة وقع إنساني ال
133
Made with FlippingBook Online newsletter