غير، بعيدا عن السياســة ودوافع الحرب وآثار الدمار، هي الصورة التي أتمنّى ، شــعرت 2923 الحصــول عليها، لكني عندما وجدتني أبحث معهم عن الرقم بأن واجبي هنا لم يعد صحفيًّا فقط بل أصبح القســم األكبر منه إنســانيًّا.. ساعة ونيِّف تمكنت خاللها من الوصول إلى المربع الذي يضم هذه األرقام، لم تكن مرتّبة بشــكل تسلسلي، وحين وجدت المكان وألنهم كانوا بعيدين عني رفعت صوتي عاليًا وكأنني اقتربت من الظفر بشيء ثمين ومهم وكبير. ناديتهم فجاؤوا مسرعين، قلت لهم بمساعدة زميلتي المصورة التي ترجمت كالمي إلى الروسية: هذه األرقام قريبة من رقمكم، ال بد أن نجد رقمكم هنا. اســتدار ابنهم الصغير وصــاح: هذا هو، وجدته! كان شــعوري في هــذه اللحظات ال يوصف، ولم أعرف ماذا أفعل، التفت إلى المصورة فوجدتها تصور ما يحدث، ودققت النظر فوجدت عيناها من خلف العدسة غارقتين في الدموع.. يا إلهي ما الذي يحصل، نحن هنا من أجل عمل صحفي، تداخل كل شيء؛ العواطف بالمهنة، واإلنسانية بالصــورة، لم يكن بأيدينا ســوى توثيق مــا يدور، وهو ما حدث بالطبع بعد أن تمالك أفراد الفريق واستعادوا توازنهم. عدنا إلى دونيتسك في وقت متأخر، ومعنا مالمح قصة إنسانية كبيرة ومهمة. األسبوع األخير إلى مكان آخر داخل دونيتسك " التقرير الصدفة " انتقلنا بعد هذه القصة أو تعرَّض للقصف، كان األســبوع األخير من مهمتي هناك قد شــهد ارتفاعا كبيرا في عدد القذائف التي استهدفت مناطق دونيتسك، ووصلت أول مرة إلى مركز المدينــة حيــث إقامتنا، في ذلك اليوم تعرّضــت المقاطعة إلى قصف بأكثر من ستمئة وخمسين قذيفة حسب بيان السلطات الموالية لروسيا، وفي المكان الذي قصدناه تسبَّب القصف في مقتل مدنيَّيْن، ووقوع أضرار كبيرة، صوّرنا من هناك مقابلــة على الهواء مع تســجيل بعض الصور اإلضافية، وما إن ركبنا الســيارة عازميــن علــى العودة إلى مقر إقامتنا حتى رن الهاتف ليبلّغني الزمالء في غرفة األخبار بالدوحة أنهم شاهدوا المكان وأثر القصف الكبير على الهواء، ويريدون تقريرا، فتركنا الســيارة ثانية وعدنا إلى مكان القصف. في هذا الوقت كان علي أن أختلط بالناس ألسمع رواياتهم وأتحسس آالمهم، وال أكتفي فقط بتصريحات
134
Made with FlippingBook Online newsletter