عندما طلبت مني إدارة الجزيرة المشاركة في تغطية الحرب الروسية على ، كانت الحــرب قد بدأت منذ نحو 2022 أوكرانيــا فــي األول من مارس/آذار أسبوع. لقد أوكلوا إلي مهمة تغطية المنطقة الجنوبية المطلة على البحر األسود، فوجدنا أن أفضل طريق للوصول إلى مدينة أوديسا، أهم وأكبر مدن البحر األسود األوكرانية، هو الدخول برًّا عبر ملدوفيا، لكننا فوجئنا بأن ملدوفيا، تحت ضغط روسي أغلقت أجواءها تماما، فقررنا الذهاب إلى رومانيا، ومنها برًّا إلى ملدوفيا، ثم إلى الحدود األوكرانية التي وصلنا إليها بالسيارة بعد نحو عشر ساعات من القيادة. منذ وصولنا إلى المعبر، وحتى عندما كنا في الطرف الملدوفي، بدأنا نعيش أجواء الحرب، ونشعر ببشاعة ما ينتظرنا خلف هذه الحدود؛ فحالة الهرج والمرج كانت تســيطر على الموقف.. أعداد هائلة من الناس تريد مغادرة البالد، وكنا، أنا والزميل المصور نبيل مزاوي من مكتب الجزيرة في لندن، وســتيف المرافق األمني لنا في هذه التغطية، الوحيدين الذين نريد الدخول! بعد عبورنا الحدود إلى أوكرانيا كان المشهد أكثر سوداوية فقد كانت طوابير الســيارات تبدو كأنها بال نهاية، واالزدحام في كل مكان، وشــبكة االتصاالت ، " عامر " واإلنترنت مقطوعة، ولم نعد قادرين على التواصل مع مرافقنا ومترجمنا وهو بالمناسبة مواطن أوكراني من أصل سوري يعيش في أوديسا منذ أكثر من ستة وعشرين عاما، وتصادف أنه يحمل نفس اسمي. بعد ســاعات طويلة من جر األمتعة بين أمواج عاتية من الناس والسيارات التقينا بمرافقنا، الذي خرج من منزله في التاســعة صباحا ليصل إلى المعبر بعد السابعة مساء، مع أنه ال يبعد عنه سوى نحو ستين كيلومترا! وعلى الفور تحركنا نحو أوديسا. أُخبرنا بأن الطريق يحتاج إلى أقل من ساعة ونصف للوصول إلى الفنــدق، وقد كان الفندق الوحيد المفتوح في أوديســا تقريبا. كنا نمني النفس بالوصول والخلود إلى النوم بضع ســاعات قبل أن نبدأ العمل، وذلك بعد هذه الرحلة الطويلة؛ فقد غادرنا العاصمة الرومانية بوخارســت حوالي الرابعة فجرا، لكن في الطريق اســتقبلنا حاجز للجيش األوكراني وأخبرنا بأنه لن يســمح لنا
45
Made with FlippingBook Online newsletter