بالمرور بســبب حظر التجوال الذي يبدأ الســاعة الســابعة مساء.. أخبرناه بأننا صحفيــون، ورجونــاه أن يســاعدنا ويتركنا نمر، فقال إن هذا سيشــكل تهديدا لحياتنا، وإنه إن لم تســتهدفكم المســيَّرات الروسية فقد يستهدفكم جنودنا في عتمة الليل وسط حالة التوتر الشديد التي تسيطر على المشهد، ونصحنا بالبقاء بجــوار الحاجــز ومحاولة النوم داخل ســيارتنا، وهو ما قد حصل؛ فكانت ليلة موحشة، شديدة البرودة، ننام داخل سيارة في مكان مظلم ال تعلم عنه شيئا وال تعلم مدى خطورته. في الصباح دخلنا أوديســا فوجدنا المشــهد بائســا في هذه المدينة التي توصف بأنها عاصمة الســياحة واالقتصاد فــي أوكرانيا. كنا وحدنا في الفندق، معظم المحال التجارية فارغة، الشــوارع مهجورة، أصوات صافرات اإلنذار ال تفتر تدوي طوال اليوم.. ورغم أن المدينة لم تتعرض للقصف فإن ساكنيها كانوا فزعين؛ خاصة بعد أن رأوا القوات الروسية تتحرك من شبه جزيرة القرم شماال وغربا وتسيطر بسهولة على خيرسون سيطرة كاملة، وهي إحدى أكبر محافظات أوكرانيا مساحة، ثم تتوجه غربا نحو ميكواليف... فقد كان الناس يعتقدون أنه في غضون يومين أو ثالثة ستكون تلك القوات في مدينتهم. بدأت تغطيتنا بتناول أحوال المدينة، وكان القصف الروسي يستهدف ريف أوديســا، حاولنا الوصول إلى أماكن القصف هناك فكان ذلك ميســرا لنا حينا وصعبا علينا حينا آخر، خاصة إن كانت تلك األماكن ذات طبيعة عسكرية. لكن بعــد بقاءنــا عدة أيام وصلنا إلى اقتناع بــأن مدينة ميكواليف هي مكان التغطية األفضل في هذه المرحلة، ذلك ألن المعركة الحقيقية فيها، ورغم هذا االقتناع فإن األخبار التي تتوارد من ميكواليف كانت مروعة. تحــدث مرافقنا مع عدد من أهالي ميكواليف فأخبروه بأن األحياء الغربية أكثــر أمنا ألنها حتــى اآلن لم تتعرض للقصــف؛ إذ كان القصف متركزا على األحياء الشرقية، فقررنا الذهاب، لكن قبل ذلك كان علينا تدبير مكان نقيم فيه بمدينة شبه فارغة، وبدأ مرافقنا يتواصل مع الفنادق وأصحاب البيوت المفروشة إلى أن نجح في إقناع أحد الفنادق بفتح أبوابه، على اعتبار أننا نريد أربع غرف بالســعر الذي يحددونه، فحملنا كل ما تمكنا من حمله من أوديســا، وبخاصة
46
Made with FlippingBook Online newsletter