كتاب تغطية الجزيرة للحرب الروسية الأوكرانية

وصادما لي وللمشــاهدين على الشاشة، وهو مشهد لم أكن أتوقعه. وأذكر أنني بصعوبة جدا عثرنــا على هذه القرية الفقيرة، لكن هذا " قلــت في تلك المقابلة الصاروخ وجد طريقه بسهولة إلى هذه العائلة البسيطة التي تتكون من جدة وأم . " وابنها الصغير الحدث الثاني كان اســتهداف مبنــى المحافظة في ميكواليف. في حوالي الســاعة التاســعة صباحا، وبينما كنت أتحدث مع أحد الزمالء في الدوحة لكي نتفــق على مواعيد المقابالت الصباحية، ســمعنا صــوت انفجار ضخم، وكأن المنطقــة ضربها زلــزال عنيف، فأغلقت الهاتف لكي أحــاول معرفة ما جرى، فعلمنا أن مبنى المحافظة اســتُهدف. لم يكن ذلك المبنى يبعد عنا ســوى ثالثة كيلومترات على أقصى تقدير، تذكرت ســاعتئذ أننا كنا قبل ثالثة أيام أمام ذلك المبنى وفي نفس تلك الساعة نجري مقابلة مع محافظ ميكواليف، وبدأت أتخيل لو أن هذا القصف، الذي أتى على جزء كبير من المبنى وقتل أكثر من ســتين شخصا، قد وقع ال قدر الله ونحن أمامه. الحدث الثالث الذي تأثرت به كثيرا كان أثناء زيارتنا لناحية باشــتنكا في ميكواليــف، التي أعددت منها آخر تقاريري قبل مغادرة أوكرانيا. كانت القوات الروسية في بداية الحرب قد سيطرت على هذه الناحية وكذلك فعلت بعدد من قراها، ثم نجحت القوات األوكرانية في استعادتها، فذهبنا إلى هناك لتغطية ذلك الحدث. تركت زيارة باشــتنكا في نفســي أثرا كبيرا ألنني، من خالل تتبع مســار حركة الجيش الروســي، لم أشعر فقط بمأساة المدنيين بل شعرت أيضا بمعاناة الجنود الروس أنفسهم الذين أُرسلوا إلى معركة ضخمة وشرسة إلى هذا الحد دون تخطيط محكم، ودون اســتعداد جيد، فكانوا وقودا لمعركة ربما لو خيروا المتنعوا عن المشاركة فيها. توجه رتل روســي كبير إلى باشتنكا، فتركه الجيش األوكراني يعبر الجسر المؤدي إلى المدينة ثم أوقعه في كمين دمر العديد من آلياته ومعداته العسكرية، وبقي بعض هذه القوات في المدينة ال يدري ماذا يفعل، في حين توجه -أو إن شــئت الدقة فقل هرب- بعض آخر إلى القرى المحيطة. أقول هرب ألنه ليس

49

Made with FlippingBook Online newsletter