وداعا للســ ح، إذ تحول من طالب عربي في أوكرانيا إلى مواطن في مقاطعة دونيتســك االنفصالية المعترف بها من قبل روسيا. كانت شرطة دونيتسك تقيم حواجزها بمختلف أطراف المقاطعة الصطياد من بلغ ســن الرشد وإرساله إلى جبهــات القتال فاختار بعض القوم البقاء في منازلهم واختار بعض آخر مغادرة المقاطعة، حتى غدا الطابع النسائي هو الغالب على من يتحرك في المدينة ومن يشتغل في أغلب حِرفها. ونعود إلى ياســر، الشــاب الذي تحول من طالب إلــى تاجر يتحرك قبل الحرب بحرية ويدير أمواله ومؤسساته المالية، فقد وجد جنسية الدولة الجديدة التي أصبح يحملها تطارده، وربما قد ترمي به على حين غرة في ساحة قتال يرى أنــه ال ناقــة له فيها وال جمل. لم تعد طلعاته من منزله إال إلى حديقة المجمع السكني الذي يقطن فيه أو خطوات قليلة إلى األمام. التقيته على مائدة اإلفطار أحد أيام رمضان وحكى لي قصته وكيف أنه يخشــى أال تُكتب له العودة إلى بلــده األم ليقابــل والدته التي لم يرها منذ أكثر من عقد من الزمن، وتركته وهو يأمل انتهاء تلك الحرب سريعا ليكون أول شيء يفعله هو أن يُكَحِّل عينيه برؤية الوالدة. نيكيتا ومن الشخصيات التي ال أنساها في تلك التغطية شخصية الشاب األوكراني ، أســجلها هنا لعل أحدا يتذكرها، فهو ليس من ذوي المناصب المهمة " نيكيتا " ولكنه يتحلّى بروح وصفات إنسانية رائعة. لقد كان مرافقنا طيلة تغطية الحرب، تطوع بوقته وبســيارته التي كان يعمل عليها ســائقا قبل الحرب، ليكون مرشدنا إلى مناطق قل من دخلها من المرافقين الصحافيين في دونيتسك، ذهبنا معا من ماريوبول إلى مارينكا، وياسينوفاتا، وإلى أطراف نوفاميخيلوفكا، كنا نقرر مساء االنطالق في اليوم التالي إلى إحدى المناطق الساخنة، فيتحدث ضاحكا مطلقا ، ونجده " khelp " لكن على الطريقة الروســية " help " كلمته اإلنجليزية المعهودة فــي اليــوم التالي ينتظرنا دون أي امتعاض أو خوف، على عكس بقية المرافقين في دونيتسك الذين يفضلون التحرك فقط داخل المناطق اآلمنة. لم يكن نيكيتا إال شــابا أوكرانيا رســم لنفسه آماال وهو بالجامعة بمستقبل
56
Made with FlippingBook Online newsletter