متطوعة، ومهرِّجون بمالبس ملونة يترددون عليهم بين الحين واآلخر للتخفيف من ألم اللجوء، حتى حيواناتهم األليفة من كالب وقطط تجد لها رعاية خاصة وطعامــا، فقد تمت تهيئة مراكز لتوفير المأكل والمشــرب لتلك الحيوانات هنا عند معبر ميديكا.. مفارقة كبيرة بين ما كنت أشــاهده وأعاينه بالنســبة للسوريين والعراقيين على سبيل المثال ال الحصر، وبين أساليب وطرق االستقبال والتعامل مع الالجئين األوكرانيين، فبولندا نفســها، التي تستقبل األوكرانيين برحابة صدر ويصرّح مسؤولوها مرارًا بأنها هي بلدهم الثاني وستوفر كل ما يلزم الستقبالهم، تُغلق أبوابها بالتنســيق مع جارتها بيالروســيا؛ ال بل تبني جدارا أمام عشــرات المهاجرين السوريين والعراقيين عند حددوها منعًا لدخولهم أراضيها. شــاهدنا جميعا حاالت وفاة من شــدة البرد والجوع ألطفال ونساء وحتى شباب ورجال سوريين وعراقيين وغيرهم، كان كل غايتهم الوصول إلى بر األمان لكنهم ماتوا جوعا وبردا قبل أن يصلوا، ولم تتحرك بولندا وال غيرها إزاء تلك المآســي، بل استمرت بتكثيف حراستها الحدودية واتخاذ أشد اإلجراءات لمنع عبور أي شخص. أليسوا مدنيين فارّين من ويالت الحرب يحق لهم األمن كما يحــق لغيرهــم؟ فلِم ال يكون التعامل على قاعدة إنســانية واحدة ال تفرق بين إنسان وآخر؟ بعد مرور أيام على وجودي في معبر ميديكا بدأت أنســج بعض العالقات مع األفراد المشتغلين مع المنظمات العاملة والمتطوعين هناك، وأول سؤال كانوا يطرحونه عليَّ: من أي دولة قدمت للتغطية؟ ويأتي جوابي: من العراق؛ تحديدا من كردســتان العراق. فترتسم أولى مالمح الدهشة، وحينما أكمل الجواب بأني من سوريا تتعمق مالمح الدهشة وتزداد، ثم يقولون باندهاش: سوريا! قادمة من العراق لنقل معاناة األوكرانيين من الحرب الروسية؟! ورغم المآسي التي كنت أراها فإني كنت ممتنة لعملي الصحفي الذي مكنني من أن أنقل للعالم آالم اإلنسان جرَّاء تلك الحرب بقطع النظر عن جنسه أو عرقه. كان العمل مرهقا والســيما أنني كنت أتولى التغطية برفقة المصور فقط، وهو مثلي ال يتحدث أيًّا من اللغتين البولندية واألوكرانية، كذلك لم يكن لدينا أي مترجم أو منسق هناك كما هي العادة، وكان يجب علينا بذل جهود مضاعفة للحصــول على أي معلومة أو تأكيد خبر أو التنســيق لتصوير مكان، كان ذلك
68
Made with FlippingBook Online newsletter