كتاب تغطية الجزيرة للحرب الروسية الأوكرانية

بعضهــم أنهم من متابعيهــا، وكانت مجموعات من المارة البولنديين تقترب منا لتؤكد أمام الكاميرا دعمها لألوكرانيين ورفضها لسياسة روسيا. قضينا في بولندا عدة أيام غطينا فيها أوضاع الالجئين في العاصمة وراسو، ومــا رصدته أنه رغم وصول كثير من الالجئين األوكرانيين إلى وارســو وتأثير ذلك في الســكن والعمل، فلم ألحظ ســخطا أو رفضا من قبل المواطنين كما نعهده عادة في الدول المستضيفة لالجئين. ، " كورجوفا " توجهنا مجددا إلى الحدود لكن هذه المرة إلى معبر آخر يسمى شــمال مدينة بشيمســل. وهو مخصص فقط لدخول الالجئين بسياراتهم، حيث يعبرون إلى مركز إيواء على بعد نحو خمســة عشر كيلومترا، وهناك الحظنا أن الالجئين بدوا أكثر تعبا وتشاؤما مما كان عليه نظراؤهم في األيام األولى، وذلك ألن روسيا ال تزال تحاول االمتداد في األراضي األوكرانية أكثر، كما أن عمليات القتل الجماعية التي اكتشــفت في مدينة بوتشــا األوكرانية بالقرب من العاصمة كييف جددت القلق والخوف في نفوس األوكرانيين من وحشية الحرب. أجرينــا عــدة مداخالت من هناك ثم رجعنا إلى ميديكا، ذلك ألن الوضع اإلنســاني كان أكثر وضوحا هناك مقارنــة بغيره من المعابر األخرى التي مررنا ببعضها، فمن ميديكا يدخل الالجئون سيرا على األقدام، وبالتالي تصبح الصور أكثر تعبيرا. أثنــاء وجودنا عند البوابة كنا نســمع بين الحيــن واآلخر صافرات اإلنذار تــدوي مــن داخل األراضي األوكرانية، وتحديدا من لفيــف التي ال تبعد كثيرا عن معبر ميديكا... كانت أصوات تلك الصافرات تصل إلى مسامعنا وكنا نرى األوكرانيين الذين يتمكنون من الفرار إلى معبر ميديكا يتنفسون الصعداء بمجرد عبورهم البوابة. قضينا ثالثين يوما نغطي فيها الجانب اإلنســاني للحرب الروســية على أوكرانيــا، أياما واصلنا فيها النهار بالليل عمال، لكن أمرا ملفتا جدا كان يخفف من كل ذاك التعب. إنه الحب. نعم الحب الذي كان الســمة الظاهرة عند معبر ميديكا، حب اإلنســان، ومحبة تقديم المساعدة إليه دون مقابل كان ملفتا جدا. أتذكر ســيدة مســنّة متطوعة كانت تســتقبلني بوجبة إفطار، وسيدة أخرى كانت تقدم لي وردة عندما تراني أنتظر موعد مداخلتي، وال أنســى فتاة كانت تأتيني

70

Made with FlippingBook Online newsletter