البيروقراطية الإدارية وآليات التدبير السياسي في اليابان

دخلــت اليابان في نهاية القرن العشــرين حقبة جديدة بدأت معها سلســلة من مشروعات الإصلاح التي بمجملها اتخذت ثلاثة اتجاهات، منها: الإصلاح الانتخابي الذي تحول إلى نظام يسهم في مغادرة نظام الحزب المهيمن، والإصلاح الاقتصادي والذي تضمن سلســلة من الإجراءات الضريبية وتحديد الإنفاق والخصخصة وهيكلة بعض القطاعات ورفع القيود، والإصلاح الإداري الذي يهدف إلى إعادة تنظيم الأجهزة الإدارية وتقليل سلطتها بما يسهم بالحكم الرشيد، ولكن هنا يتبادر للذهن: هل بلد مثل اليابــان يحتاج إلى إصلاح؟! فاقتصاده إلى وقت قريب يحتل المرتبة الثانية وصناعاته ذات جــوده عاليــة ومكانة دولية مرموقة؛ هل كل هــذا يحتاج إلى تغيير؟ التفكير هنا يكون بالمنطق الياباني الذي يعد نفسه في سباق مع الولايات المتحدة الأميركية وأنه مــا زال فــي حالة تحول ولم يصل بعد إلى الاقتصاد الحر بشــكله الكامل وأي تعثر سيترك تبعاته على المدى الطويل. مــع ذلك، هناك عوامل متعددة عجّلت باتجاه تبني مشــروع الإصلاح من أجل إعادة هيكلة النظام السياســي، أولها: الأزمة الاقتصادية، ويعود أصل المشكلة إلى أن اليابان وضعت مجموعة من المؤسســات الاقتصادية والسياسية تتناسب مع توجهاتها في حقبة ما بعد الحرب والتي أتاحت أداء اقتصاديًا متميزًا ونموًا واسعًا، وكانت هذه المؤسســات مسؤولة عن الاســتقرار السياســي والمالي والاقتصادي، وتتسم بدرجة عالية من التنظيم الحكومي والرقابة الإدارية على القطاعات الاقتصادية والمؤسســات ، حققــت خلالها ما عُرف بظاهرة ((( كانت أكثر اســتجابة للمنتجين من المســتهلكين «المعجــزة اليابانيــة»، ولكن في العقد الأخير من القرن العشــرين انتقلت إلى مرحلة في المئة في الســبعينات والثمانينات ومن ثم 4 أقل في النمو؛ إذ كان متوســط النمو . وهذا التدني في النمو مســألة طبيعية فالاقتصاد ((( وصل إلى صفر خلال التســعينات الياباني تطور وأصبح ناضجًا ولم يعد يستورد التقنيات من العالم المتقدم فهو أصبح Cargill and Sakamoto, Japan Since 1980, 99. ((( Kenichi Ohno, The Economic Development of Japan – The Path Traveled by Japan , ((( as a Developing Country,) GRIPS Development Forum, Japan, 2006), 184.

137

Made with FlippingBook Online newsletter