البيروقراطية الإدارية وآليات التدبير السياسي في اليابان

تمهيد تعد قضية دور النخبة الإدارية في قيادة التنمية من القضايا المركزية في السياسة اليابانية بوصفها أداة التحديث الرئيسية التي نقلت البلاد إلى درجة متقدمة من التطور من خلال قيادتها الاقتصاد الموجه بواســطة شــبكة من العلاقات بين النخبة الإدارية وبقية القوى السياسية والاقتصادية وربط القطاع الخاص بالوزارات من خلال وسائل التوجيه الإداري والعطاءات والمنح والإعانات. وقد نجحت البيروقراطية من خلال هذا الهيكل في تحقيق أهدافها، إلا أن تعثرًا طرأ على مسارها في النمو بدأ منذ سبعينات القرن العشرين ووصل إلى مرحلة الأزمة في التسعينات مما أنهى أطول امتداد زمني للتنمية شــهدته البلاد، وهذا ما دفع إلى تصاعد مطالبات الإصلاح والتقليل من دور البيروقراطية في قيادة الأسواق، وهنا دخلت اليابان في إشكالية هي أن عملية الإصلاح السياسي سوف تستهدف البنية التي حققت لها التنمية كما أن البيروقراطية وقفت بالضد من إجراءات الإصلاح عادةً إياها اســتهدافًا لســلطتها، متهمة الأحزاب السياسية بعدم امتلاكها البديل المقنع للبنية التي حققت التحديث، ولغرض الإلمام بهذا كله قسمت الكتاب إلى سبعة فصول: يبحث الفصل الأول عن جذور سلطة البيروقراطية ويركز على المفاهيم المتعددة للبيروقراطيــة، وذلــك لفك الالتباس إذ حمل بعضٌ منها معاني ســلبية في حين جاء تناولنا للمفهوم العلمي الذي يشــير إلى الحكم بواســطة المكتب أو بوســاطة جهاز الدولة للإشــارة إلى مجموعــة الموظفين الإداريين التابعيــن للحكومة الذين يتلقون أجورًا لقاء خدمتهم، وهذا المفهوم أوجد إشــكالية عن حقيقة دور البيروقراطية الذي مــن المفترض من خلال المفهوم الذي تبنيناه أنهم منفذون للإجراءات الإدارية بعيدًا عن السياسة غير أن كثيرًا من النظريات أكدت الدور السياسي للبيروقراطية سواء كان في بناء الدولة وتحقيق الشــرعية أم في أن تكون أداة اســتبداد. ومن ثم تطرقنا إلى البيروقراطية اليابانية من خلال بداية انبثاقها نخبة سياســية وإدارية معًا وحملت على كاهلها عملية النهضة ســواء الأولى في عهد ميجي أم الثانية بعد الاحتلال الأميركي، وبقيت الخطوط غير واضحة بين السياسي والبيروقراطي الذي عمل على ترسخ ثقافة سياســية خاصة بالنخبة الإدارية بأنهم يمثلون المصلحــة العليا ويحملون القيم العليا

5

Made with FlippingBook Online newsletter