العدد 1 – يناير - كانون الثاني 2023

151 |

مقدمة أدت التطــورات التكنولوجيــة والثورة الرقمية إلى تغييــر جذري في علوم االتصال واإلعــ م نظرًا لخصوصية هــذا العلم في مفاهيمه ومناهجه وأدواته التي تبحث في الظواهر االجتماعية واإلنسانية المعقدة والمتجددة عبر الزمان والمكان، لما توفره من معلومات تؤثر في الجماهير، والتي انعكســت على تنوع المقاربات التي تبحث في الكشــف عن الحقائق من خالل تحليلها وتصنيفها. فالبيئة اإلعالمية الجديدة ليست ظاهرة عابرة بل كيانًا فرض نفســه بقوة؛ أوجد العديد من التغييرات في الممارسات اإلعالمية، وطرح إشــكاليات منهجية ونظرية بدءًا بتعدد المصطلحات التي تعبِّر عن هذه البيئة الجديدة، ومرورًا بصعوبة تحديد موضوعاتها، وأدواتها البحثية، ووصو ًل إلى كيفية معالجتها منهجيًّا ونظريًّا، ألن عدم فهم األسلوب الذي تعمل بمقتضاه وسائل .) 1 اإلعالم يمنع من فهم التغيرات االجتماعية والثقافية التي تطرأ على المجتمعات( ويعــود ذلــك إلى أن علوم اإلعالم واالتصال متشــعبة تخُص العديد من المجاالت ،) 2 على غرار العلوم األخرى، مثل الفلسفة، وعلم االجتماع، وعلم النفس وغيرها( لكن عددًا من الباحثين يرون أن هذا العلم يُعاني من قصور فيما يتعلق بالمســتوى البحثي؛ إذ لم يتمكن المشتغلون في هذا الحقل من إحداث قطيعة إبستمولوجية مع أفكاره المســبقة أثناء معالجة القضايا المدروســة، ويؤدي ذلك إلى خلل في النتائج التــي جرى التوصل إليها، خاصــة في ظل البيئة اإلعالمية الرقمية الجديدة. وهو ما يقتضي إعادة النظر في استخدام األساليب واألدوات المنهجية والنظرية التقليدية التي يتم توظيفها؛ إذ إن مضمون رسائل اإلعالم ال يمكن النظر إليه بمعزل عن تكنولوجيا .) 3 وسائل اإلعالم نفسها( وتتمثَّل إشكاليات وتحديات البحوث اإلعالمية العربية في ظل البيئة الرقمية الجديدة فيما تكشَّــف للباحثين بشــأن البيئة اإلعالمية الرقمية التي تمثِّل كيانًا اتصاليًّا يحتاج )، ألنها بيئة متغيرة 4 إلى قراءة جديدة ســواء من حيث أدواتــه المنهجية أو النظرية( بشكل متسارع وغير ثابتة المعالم، ولها قدرة فائقة على جمع المعلومات وتوصيلها إلكترونيًّا، مما أدى إلى وجود صعوبات في دراسة وتحليل هذه البيئة؛ فقد أصبحت وسيلة أيديولوجية تسعى إلى قولبة عقول األفراد، وتحديد منحى سلوكياتهم، وتنظيم

Made with FlippingBook Online newsletter