العدد 1 – يناير - كانون الثاني 2023

197 |

للغاية في زمن التحول التكنولوجي الذي يعرفه قطاع اإلعالم، ألنه بات أمرًا مصيريًّا يرتبــط بمتطلبات نجــاح وفاعلية االتصال من جهة، وبخلق شــروط بقاء وديمومة المؤسســات اإلعالمية من جهة أخرى، بحكم أن التميز واإلبداع في صياغة الرسالة اإلعالميــة باتا مطلبيــن ضروريين لجذب الجمهور، في بيئة إعالمية باتت شــديدة التنافسية. ويشمل اإلبداع في المجال اإلعالمي أشكا ًل مختلفة، تغطي مجاالت عديدة، نذكر منها على ســبيل المثال ال الحصر: الســينما، واإلذاعة والتليفزيون، والصحافة المطبوعة، والصحافة الرقمية، وفنون اإلعالن، وفنون التصميم بكل أنواعها، ومهارات إبــداع منصات التعبير الحديثة، ومهارات إبداع طرق التعبير الفريدة...إلخ. وعادة ما تتطلب مختلف المجاالت المهنية المذكورة المرور بمســتويات مختلفة من مراحل اإلبــداع، تتدرج من وضــع األفكار، ثم التخطيط لتنفيذها، وصو ًل لمرحلة إخراجها وتقديمها في الصيغة التي تصل بها إلى عموم الجمهور. ويشترط في عمليات اإلبداع اإلعالمــي أن تكون األعمال متحررة من القوالب الجاهزة، ومن النمطية والتقليدية، ومن الرقابة الداخلية أو الخارجية، ومن مختلف قوى الضغط المحيطة، كشرط من شــروط تحقيق عوامل التفرد فيها، ما يســمح لها باالبتعاد عن مخاطر الحكم عليها بأنها تقليدية أو سبق مشاهدة نسخ منها. وبات تحول اإلبداع إلى مطلب أساســي في الممارســة اإلعالمية واالتصالية يرتهن وجود وسائل اإلعالم التقليدية المختلفة، التي وجدت نفسها ال تكف عن االبتكار، لتتمكن من التكيُّف مع تحوالت البيئة اإلعالمية الجديدة. فالتليفزيون، على ســبيل المثال، ما انفك يتجدد ويبتكر أشكال بثه: البث الحي، والبث االستدراكي عبر موقع القناة التليفزيونية، أو عبر منصات مخصوصة، ومن خالل عرض المنتج التليفزيوني بحســب الطلب، ومن خالل تعدد حوامل هذا البث: الكابل، والكمبيوتر المحمول، والهاتف الذكي، واللوح اإللكتروني، مع ما واكب هذا التكيُّف من آثار على أشكال التعبير السمعي البصري لتتناغم مع طبيعة الحامل. وأضحى اإلبداع مبحثًا في علوم ) Creative Shift Studies ( " دراسات التحول اإلبداعي " اإلعالم واالتصال تعبِّر عنه التــي فتحت آفاقًا جديدة لقراءة التغيير المتســارع في العُــدَّة التقنية الرقمية، ولفهم تداعياتها على الصعيد االقتصادي واالجتماعي والثقافي.

Made with FlippingBook Online newsletter