| 220
أربعينــات إلى ســتينات القرن الماضي، بمبرر عجز التحليــ ت الكمية التي كانت منتهجة في الدراسات المسحية، وعجز تحليل المضمون الظاهر، الذي كان معتمدًا في .) 77 عن فهم أهمية البعد الذاتي في عمليات االتصال( " اللسانية البنيوية " المقاربات أما من المنظور اللســاني، فيأتي ظهور هذا التوجه في ســياق المراجعات التي تمت أفعال " في توجهات اللسانيات البنيوية، بعدما بدأ بعض اللغويين، خاصة أتباع نظرية منهم، في االهتمام بدور الفرد، باعتباره فاع ًل في تحديد المعاني، وفي قراءة " الكالم الدالالت الرمزية التي يعطيها للمحتويات اإلعالمية واالتصالية، من منطلق أن اللغة ال تُعد مجرد بنى ودالالت فقط، بل هي أفعال كالمية، يقوم بها المتكلم ليُحدث بها تغييرًا محدَّدًا في ســلوك المخاطب، أكان ذلك على مســتوى الفعل أم على مستوى .) 78 الكالم( أمــا مــن منظور تخصص اإلعالم تحديدًا، فقد ظهر توجه إثنوغرافيا الجمهور كثورة على النظرة التي طبعت، وألكثر من عشرين سنة، مختلف النظريات التي صيغت مع بداية تشكُّل مجال اإلعالم حق ًل بحثيًّا جديدًا، والتي كانت تدفع ضمنيًّا أو صراحة، بوجود اتجاه خطي أحادي االتجاه في مســار االتصال، وبوجود تأثير قوي لوســائل اإلعالم على الجمهور. هذا األخير الذي كان أغلب الباحثين آنذاك ينظرون إليه وكأنه كتلة واحدة منســجمة، تســتجيب بشكل شبه آلي للمثير اإلعالمي أو االتصالي مهما كانت طبيعته. ومع أن إشكالية التلقي طُرحت مبكرًا في مجال الدراسات األدبية (منذ الســتينات)، عبر التســاؤل حول الكيفيات التي يتلقى بها مخيال القارئ ويفســر بها الخيــال المتضمــن في األعمال األدبية، والتي فصل فيها المختصون باإلقرار بوجود دور كبيــر للمتلقــي في صياغة المعاني، وفي فك رمــوز العمل األدبي وفقًا لألطر المعرفيــة لكل متلــقٍّ، إال أن المجال اإلعالمي بقي ولمــدة طويلة بمنأى عن تلك التساؤالت. فقد انتظر الباحثون في علوم االتصال سبعينات القرن العشرين ليخوضوا في مســألة التلقي، لتكتشف البحوث الوظيفية األميركية في اإلعالم وجود دور كبير للمتلقــي في صياغة معاني الرســائل االتصالية. ومنــذ تلك الحقبة توالت النظريات مختلفة بين " اســتخدامات وإشــباعات " واألبحاث األميركية التي تتحدث عن وجود لوسائل اإلعالم بحسب ميول المتلقين وأذواقهم. " تعرض انتقائي " الناس، وعن وجود وقد اقتحمت الدراسات الثقافية البريطانية منذ ثمانينات القرن العشرين ذلك المجال
Made with FlippingBook Online newsletter