العدد 1 – يناير - كانون الثاني 2023

261 |

تغيير النظم القديمة وإقامة نظم جديدة. وقد يتطلب ذلك تدابير سياسية تعتمد أدوات التدبير الديمقراطي وأســلوب المأسســة، مثل: نظام للحكم والمجتمع، أو تأســيس تحالفات طبيعية وأحيانًا غير طبيعية تقتضيها دقة المرحلة، وأحيانًا أخرى عبر اللجوء إلى وسائل وتدابير غير سياسية لحسم الصراع. وتتميز مرحلة االنتقال الديمقراطي بثالث مواصفات عامة، هي: - أو ًلً: حضور أو استحضار شكل واحد أو أكثر من أشكال عدم االستقرار، وغالبًا ما تشهد هذه المرحلة صراعات سياسية وغير سياسية بين الفاعلين الرئيسيين أو عبر تدخالت إقليمية أو حتى دولية. ثانيًــا: كل مرحلــة انتقالية تشــهد في الغالب األعم مراحل فرعيــة تتباين فيها نتائج المواجهــات بيــن قطبي الصراع، ويتم خاللها تفكيك النظام غير الديمقراطي القديم أو انهياره وبناء نظام ديمقراطي بدرجات متفاوتة. ثالثًا: تجري عمليات االنتقال الديمقراطي وفق مستويين اثنين: يكون االنتقال إما من األعلى بمبادرة من النظام السياسي الحاكم وبصورة اضطرارية تحت ضغوط مرتبطة بالداخل أو الخارج، لكن نتائجه تبقى في الغالب األعم ظرفية، وإما يكون االنتقال من األسفل بواسطة قوى المعارضة المدعومة بتأييد شعبي واسع، أو عبر التنسيق بين المعارضة والنخبة الحاكمة، وأحيانًا أخرى عبر التدخل األجنبي. وفي هذا الســياق، ترى األطروحة أن ما سُــميت بثورات الربيع العربي شكَّلت حالة ثورية من االنتقال الديمقراطي، وحركة دافعة تنتقل بالمجتمع أشبه ما تكون بمسلسل طويــل يتم االنتقال ضمنه من نظام سياســي مغلق يقتصر على النخب الحاكمة إلى نظام سياســي مفتوح يتيح للمواطنين المشــاركة في اتخاذ القرارات ويسمح بتداول السلطة. أما عن مسؤولية اإلعالم في مرحلة االنتقال الديمقراطي، فتالحظ الدراسة أن اإلعالم الرســمي والحزبي وأيضًا اإلعــ م التابع للقطاع الخاص ظل فــي الحالة المغربية -رغم كونه ســلطة رابعة- مغيبًا عن النقاش. فقد كان الحلقة األضعف في مسلســل االنتقال الديمقراطي بالمغرب؛ حيث استمر التدبير نفسه في التعاطي مع الشأن العام والفاعلين السياسيين، واتسم عمومًا بالحذر وأسلوب الدعاية والخوف من االختالف

Made with FlippingBook Online newsletter