العدد 1 – يناير - كانون الثاني 2023

| 52

للسلطة القائمة وتمارس دور العالقات العامة وإن لم تفعل تعتبرها معارضة، فتراقبها وتالحقها قضائيًّا وتخنقها اقتصاديًّا. وبناء على ما ســبق ذكره، تحدَّدت مكانة الصحافي ومهامه. لقد ظل منذ خمسينات " كلب حراسة " القرن الماضي يرى أن مهمته سياسية ونضالية، ليس بالمعنى الغربي كـ ، بل باعتباره مناض ًل سياسيًّا أكثر منه صحافيًّا. " قوة رقابية على السلطة التنفيذية " أو كـ كاتب " لــذا نالحــظ أن الكثير من الصحافيين يفضلون أن يكون مســماهم الوظيفي لألخبار. فعملية جمع األخبــار وغربلتها والتحري " محــرر " على مســمى " صحفي حول صحتها لدى أكثر من مصدر تبدو نشــاطًا متواضعًا إن لم يكن دونيًّا أمام نبل كتابة المقاالت التحليلية والفكرية التي يعتقد أنها ترفع رصيد رأســمال الرمزي لمن يمارسها. إن ما يقف عمليًّا في وجه المحاوالت، التي تظهر هنا وهناك، لدفع الصحافة لِتُشكِّل حقــ بالمعنــى الذي ذكرناه أعاله، يتمثَّل في تقاطع المصالح بين النخبة السياســية ومســؤولي الصحف، وفي توظيف الصحافيين على أسس غير مهنية، وترقيتهم على والوالء والمحسوبية، واعتماد الصحف على التمويل السياسي بصرف " الثقة " أساس النظر عن وزنها لدى القراء، وعدم إخضاع اإلعالن لمنطقي السوق والخدمة العامة، بل يُســتخدَم ورقة للضغط ومســاومة الصحف على خطها التحريري، وإعادة إنتاج الخطاب السياسي بحذافيره، واالعتماد على المصدر الرسمي والوحيد لألخبار. إن النمــط غير االقتصادي الذي اتبعتــه الصحافة العربية بدرجات متفاوتة جعلها ال تولــى القــدر الكافي من االهتمام بالقراء. فالقســط األكبر من مداخيلها ال يأتي من مشــتركيها ومبيعاتها، بل من الســلطة التنفيذية في شكل إعانات دائمة. ومن عائدات اإلعــ ن المضمون والمتواصل بصرف النظر عــن عدد مرتجعات كل صحيفة. لذا نالحظ اليوم في عز أزمة الصحافة أن النجاح التجاري الذي تحققه بعض الصحف في " شطارتها " العربية يتوقف على مدى قربها من أصحاب القرار السياسي أكثر من .) 111 مهنة الصحافة( ففــي ظــل التطــور التكنولوجي واالجتماعــي واالقتصادي الذي بــدأ يضغط على الصحافة لتتخلى عن كونها منبرًا لتقديم المحاضرات وتتحول إلى ســاحة للنقاش، وجد الصحافيون أنفسهم مضطرين للمشاركة فيه وإشراك القراء معهم. وهذا يصطدم

Made with FlippingBook Online newsletter