العدد 1 – يناير - كانون الثاني 2023

| 70

التقاريــر بعيــدة المدى فهي نادرة جدًّا. وقد وجد الباحثان تقريرين يتضمنان تنبُّؤات )، وهو على Politico اإلخباري ( " بوليتيكو " على المدى الطويل: األول أصدره موقع هذا النحو ال يمكن أن يُمثِّل تقريرًا بحثيًّا علميًّا رغم أنه استند إلى نوع من االستبيان كما ســنرى الحقًا. أما التقرير الثاني فصدر عن مركز بيو لألبحاث وال يهتم بصفة .) 3 مباشرة بالصحافة، بل التكنولوجيات الرقمية وتأثيراتها على الديمقراطية( لذلــك، فــإن القارئ لن يجد صورة دقيقة عمَّا ســتكون عليــه الصحافة في العقود المقبلة؛ إذ ال أحد غامر بشــكل منهجي وعلمي في عملية االستكشــاف هذه، ألنها بكل بساطة مستحيلة؛ فالصحافة تُمارَس في مؤسسات تتداخل في تشكيل تطوراتها متغيرات عديدة داخلية (خاصة بالصحافة نفسها)، وخارجية (تكنولوجية وسياسية...) تتفاعل فيما بينها بشكل فريد وغير منتظر دائمًا. أمــا فــي العالم العربي، فــإن مهمة وضع التنبُّؤات على المــدى القريب تبدو أيضًا عويصة، إن لم تكن مستحيلة، في الظروف الحالية وذلك لثالثة أسباب: أولها: تنوع الســياقات السياسية العربية، خالفًا للســياقات األوروبية التي تشترك في المنظومات القانونية (ذات الطبيعة الديمقراطية)، واألطر المعيارية الكبرى (المواثيق األخالقية)، ) التي تنظم عمل الصحافة. Media Policy أو حتى ما يُســمَّى سياســات اإلعالم ( ففي أوروبا، على سبيل المثال، تُسهِم المحكمة األوروبية لحقوق اإلنسان في خلق مرجعية قانونية مشــتركة لتنظيم الصحافة. أما في العالم العربي، فالبيئات السياســية والقانونية تختلف من دولة إلى أخرى؛ مما يجعل من المستحيل فهم تطورات قطاع الصحافة بشكل موحد في كامل السياقات العربية. أمــا الســبب الثانــي، فيهم غياب المعطيــات اإلحصائية الدقيقــة والموضوعية عن الصحافة، خالفًا لما نجده في الســياقات األوروبية واألميركية. فعلى ســبيل المثال، ال توجد مؤسسات تقوم بقياس الجمهور في جل الدول العربية، كما أن المعطيات الكمية المتواصلة عن انتشار الصحافة غير متوافرة أيضًا، بل إن معطيات ذات أهمية تتعلق بالموارد البشرية غائبة في كثير من األحيان. ويرتبط السبب الثالث بغياب يكاد يكون تامًّا للدارسات المسحية المعتمدة في التقارير البحثية األوروبية واألميركية، والتي تقوم منهجيتها -كما سنرى في محاور الدراسة- على استطالع آراء وتقديرات الخبراء المتخصصين والباحثين األكاديميين. وفي ظل

Made with FlippingBook Online newsletter