العدد18

113 |

مقدمة ، فيما سيُعرف الحقًا بـــالربيع، العربي 2011 عندما انفجرت األحداث الثورية ســنة تكشَّف عالم العرب بوجهيه: وجه مشرق متوثب عبَّـــر عنه المخاض التغييري بما تكشَّف عن تصميم وطاقات وآفاقٍ، ووجه كالح تعرَّت فيه اإلعاقات والهنات بصورة فاجعة مكَّنت لخيبة أمل وإحباط واسعَيْن. بجسده، " محمد البوعزيزي " انحســر وجه المعضلة العربية منذ الشــرارة التي أوقدها ، احتجاجًا على ما سُلِّط عليه من قهر. وإذا كان 2010 ديسمبر/كانون األول 17 يوم معظم النار من مستصغر الشرر فإن تلك الشرارة استطاعت منذ اتقادها أن تستشري وتتواصل متسارعة كل هذه السنوات لتمحِّص للباحث المتأمل أكثر من قضية مهمة في السياق المستجد وأن تدفع إلى استجالء ما وقعت االستهانة به من كبريات األسئلة. الذي ظلت عموم " الســؤال الديني " في مقدمة هذه القضايا الكبرى المهمشــة يبرز النخب المثقفة والحاكمة العربية مصرَّة طوال العقود على استصغاره بما أفضى به إلى وما نتج عنه في تونس وخارجها " البوعزيزي " أن يُصبح إعاقة إشكالية. لكن انتحار " اإلســ م السياســي " حوَّل وجه المعضلة العربية جاع ًل أول عناوينها وأبرزها هو حيث صار يحتل صدارة المشهد السياسي التونسي خاصة والعربي عامة. " اإلسالم السياسي " إشكالية هذه الصيغة جعلتْ، ما كان يُعد إعاقة تحديًا بما يطرحه مــن اجتراح بُعد ثقافي/أخالقي للمجال السياســي، هو اإلعالن عن ضرورة ولوج العالــم العربــي العصر الحاضر بزمن مغاير في قيمه وفيما انســاقت فيه نخب عربية في العقود الخالية. الفاعلين " اإلسالم السياسي " صميم المعضلة العربية في الزمن الجديد الذي أقحَم فيه وحيرتها. رمزية هذا الزمن تضع الفرد " ناقل الريشة " السياسيين هو إخضاعهم لثقافة مُجْبِـر على تحمُّل عاقبة أخذ الريشة أو تركها على " اختيار إلزامي " أو الجماعة أمام السواء. هو زمن الحرية المـُرَّة التي ال يُجدي معها التعالي أو التردد. معنى ذلك أن إنسانية هذا الزمن تتكشف بجالء لتبرز في القدرة على االختيار لكن مع ضرورة الرضا بالتناهي والمحدودية.

Made with FlippingBook Online newsletter