العدد18

165 |

مقدمة في أعقاب استقالل الدول اإلفريقية، انتهز االتحاد السوفيتي مشاعر العداء المتأججة فــي نفوس األفارقة، نخبًا وجماهيرَ، وتوغل في أرجاء القارة، لدرجة أن جل الدول اإلفريقية انتهجت شــك ًل ما من أشــكال االشــتراكية بدرجات متفاوتة وبمســميات متعددة. وبعد انتهاء الحرب الباردة مطلع تســعينات القرن العشــرين، بدأت الدول اإلفريقيــة فــي التحول عن االشــتراكية غربًا لتعم الرأســمالية بوجهيها، االقتصادي والسياســي، كافــة الدول اإلفريقية، لدرجة أنه بنهاية العقــد األول من األلفية الثالثة كادت العالقات الروســية-اإلفريقية أن تتالشي. ومن حينها بدأت الخارجية الروسية في مساعي العودة إلى الفضاء اإلفريقي رويدًا رويدًا، مستغلة الفراغات التي أحدثها التجاهل الغربي المتعمد إلفريقيا. ، 2022 بعدما بدا للبعض احتمال تورط روسيا في الحرب على أوكرانيا أوائل العام استشــرفت بعض التحليالت والتقارير انكماش التوغل الروســي في إفريقيا، وعزت التــام بالحرب مع أوكرانيا المدعومة " الكرملين " ذلــك من ناحية أولى إلى انشــغال كليًّــا من الواليات المتحدة واالتحــاد األوروبي ودول غرب أوروبا من غير أعضاء لسحب عدد من خبرائها " موســكو " االتحاد األوروبي، ومن ناحية ثانية إلى اضطرار Wagner " فاغنر " العسكريين، وقدر كبير من جنود القوات غير الرسمية التابعة لشركة الروسية األمنية، من مواقع وجودهم في إفريقيا لدعم الجيش الروسي في أوكرانيا. ، أســفر -على العكس 2022 بيــد أن الواقــع، وبخاصة في النصف الثاني من العام من تلك التوقعات- عن تزايد ملحوظ في اهتمام الخارجية الروســية بإفريقيا؛ حيث وسَّعت وكثفت نشاطها على الساحة اإلفريقية. ومن هنا، تشــتد الحاجة إلى تفســير هذا التطور غير المتوقع في العالقات الروسية- اإلفريقية بعد الحرب على أوكرانيا، وإلى استشــراف مســتقبل هذه العالقات، وذلك من خالل اإلجابة عن تساؤل مركزي يتعلق بتأثير الحرب الروسية على أوكرانيا على تنمية العالقات الروسية-اإلفريقية، وكذلك عن مستقبل هذه العالقات بعد الحرب.

Made with FlippingBook Online newsletter