العدد18

| 36

لكن نظرية حمدان -على وجاهتها وريادتها- يشــوِّش عليها االنقطاع الكبير داخل هذا الهالل اإلسالمي، بسبب وجود بلدان أخرى داخله ليست منه، منها دول ضخمة كالهند والصين، وهذا ليس باالنقطاع السهل. ولذلك فنحن نقترح تصورًا أكثر واقعية ومالءمة للجغرافيا السياســية اإلسالمية، وهو تقســيم العالم اإلسالمي جغرافيًّا إلى عالمَين: العالم اإلسالمي البري، والعالم اإلسالمي البحري.

العالم اإلسالمي البري :) 2 الخريطة ( ) كتلة متماســكة ال تفصل بينها فواصل بحرية 2 فالعالم اإلســ مي البري (الخريطة كبرى، واألدق القول إنه على شكل طير عمالق، ال على شكل هالل أو قوس، على نحو ما تصوره حمدان وهنتنغتون. ورأس هذا الطير العمالق في األناضول، وقلبُه في الجزيرة العربية (بمعناها الواسع الذي يشمل دول الخليج واليمن والعراق والشام)، وله جناحان، يمتد أحدهما في جنوب آسيا، والثاني في شمال إفريقيا. والطريف في األمــر وجود أثر في التراث اإلســ مي ذي صلة بمجــاز الطير العمالق هذا؛ حيث إن الله خلق الدنيا بمنزلة الطائر، " م) قوله: 652 يُروَى عن التابعي كعب األحبار (ت ). وقد يكون هذا األثر 75 ( " فجَعَل الجناحين المشرق والمغرب، وجعَل الرأس الشام جزءًا من المختلَقات الكثيرة في فضائل البلدان، لكنه يوحِي بوجود تصوُّر قديم في المخيال الجغرافي لدى المســلمين، يرى العالم كله -ال العالم اإلسالمي فقط- في شكل طير رأسه في بالد الشام، وهي بالد متداخلة مع شبه جزيرة األناضول؛ حيث يوجد رأس الطير اإلسالمي العمالق كما رأينا.

Made with FlippingBook Online newsletter