بيئة الصحافة الإلكترونية العربية

فبرزت أصوات نخب ناشئة أحدثت تغيراتفي أسلوب عمل الصحف الإلكترونية، وآليات عرض مضامينها الإعلامية وتداولها، لتتيح مجالات أكبر لتقاسم الأحداث، فكانت أحد أسباب تغير المشهد الإعلامي، وتطور مضامينه، وجعْله أكثرَ سرعةً في الوصول إل أكبر عدد ممكن من القرّاء. كما «خلقت الصحف الإلكترونية جيً جديدًا من الصحفيين ينقلون الأخبار ويصورونها وينشرونها لحظة بلحظة، تمامًا كما فرضت المواقع الإعلامية نوعًا من الكتابة المختصرة والسريعة، الشيء الذي أثّر في العمق التحليلي للمضامين الإعلامية وجعل منها نظرة سطحية للعالم. من جهة أخرى، ومع تطور المدونات العربية خلال السنوات الأخيرة، وتنامي عدد المنشورات الإلكترونية التي أصبحت جزءًا لا يتجزّأ من الصحافة الإلكترونية التي تتصدر الإعلام تأثيرًا وفاعلية، تحوّلت المعلومة -منخلال الإنترنت- إل مُنْتَج إعلامي تصبغه أحيانًا ((( رؤية بعض المدوّنين الذين يبحثون عن فضاء افتراضييُع ّون فيه عن ذواتهم». فيسياق هذا التداخل بينصوت الصحفي الاحترافي المهني، وصوت المواطن الذي يقدّمه المجال العام على أنه الصوت المعارض والمتحرر من كل قيود، والمنتج والمستهلك والناشر للمحتوى الإلكتروني، امتزجت المواد الإعلامية القيّمة التي تحترم معايير المهنية، والموضوعية والمصداقية بالمضامين الرديئة التي تفتقد لأدنى القيم المهنية التي تحكم طبيعة العمل الصحفي؛ الأمر الذي يثيرجدً واسعًا اليوم حول أخلاقيات الممارسة الإعلامية في الصحفالإلكترونية والمواقع الإخبارية، والتحديات التي تواجهها مهنة الصحافة على الإنترنتجرّاء السلوكيات غير المسؤولة للأفراد والمؤسسات التي تنطوي على إسفاف واستنساخ وتربح غير مشروع أحيانًا، أو استهزاء، وتجريح، وتشهير مقصود أحيانًا أخرى. إن هذه الوضعية تفرض على المهنة الصحفية على شبكة الإنترنت مراجعة مسؤولياتها الأخلاقية المنوطة بتعدد مهام الصحفي في الصحيفة الإلكترونية، واحترام تخصصه، وتحديد هامش التفاعلية عند تحرير المواد الإعلامية، ونقل المعلومات عن المستخدمين، وتوظيف مصادر المعلوماتعلى الإنترنت...إلخ؛ وهي إشكاليات، وتحدياتقد تقفعائقًا أمام ممارسة الصحفي لمهامه على أكمل وجه، وقد تعمّق مسؤوليته الأخلاقية في ظل المعادلة الصعبة بين سعي المؤسسة الإعلامية التي يعمل فيها على الزيادة في عائداتها بأقل عدد ممكن من الموارد ، مرجع سابق. " الصحافة الورقية العربية: صراع البقاء ورهانات الرقمنة " ابن مسعود، (((

182

Made with FlippingBook Online newsletter