أصبحت وسائل الإعلام، بفضل تكنولوجيات المعلومات والاتصالات، أكثر قدرة على الوصول إل جماهيرها من خلال تقنيات الطباعة عن بُعد أو توسيع نطاق البث الإذاعي والتلفزي، فضً عن سهولة تلقي الرسائل التواصلية؛ ومن ناحية أخرى، أسهمت التكنولوجياتالجديدةفيتقليل تكلفة المنتج الإعلامي، وزيادة مداخيل المؤسساتالإعلامية. ّ بإعلام ومع ظهور شبكتي الإنترنت والويب، دخلت وسائل الإعلام عصرًا جديدًا يُب جديد تتغير فيه اقتصاديات صناعة الإعلام، وتتغير فيه مفاهيم الجمهور والتفاعلية وحراسة البوابة والسبق الصحفي وغيرها من المفاهيم التي رسّخت العمل الإعلامي خلال القرون السابقة. وقاد هذا التغيير إل تعزيز البُعد البيئي لوسائل الإعلام ضمن محيطها منحيث التأثير والتأثّر. لقد تأثرت الصحافة العربية -مثلها مثل الصحافة في بقية العالم- بالتغييرات التي أحدثتها ثورة الإنترنت في صناعة المواد الإعلامية؛ حيث بدأ التحول من النشر التناظري إل النشر الرقمي يبِ الفروق في التكاليف البشرية والمالية التي تغري بالتحول نحو الرّقْمَنَة. هكذا تبدو وسائل الإعلام مضطرة للتخلي عن بيئتها وشكلها القديم، والتأقلم مع البيئة الرّقْمِية بعد أن بدأت منابع دخلها تنضب؛ ويتحوّل جمهورها من متلقّ مستهلك إل متواصل متفاعل؛ وينجذب المعلنون نحو البيئة الرقمية القادرة على تحقيق الأهداف بتكلفة أقل وفعالية أكبر. إن التحول من الصحافة الورقية إل الصحافة الإلكترونية -سواء كان تحوً جزئيّا أو كام ً- أو الانطلاق من بيئة الإعلام الجديد، يستدعي الوقوف على الجوانب الاقتصادية التي تصنع القرار الاستثماري وتحدد الجدوى؛ ذلك أن البيئة التي تعمل فيها الصحافة الإلكترونية تتميز بخصائصها الاقتصادية المستمدة من الأثر الاقتصادي للرّقْمَنَة في كافة مجالات الحياة، والمتمثلة في التوازي بين كفاءة الأداء وتقليل التكلفة. في خضم هذه البيئة الجديدة، تبرز الصحافة الإلكترونية العربية كتحدّ للصحافة الورقية التقليدية ضمن مسعاها للحلول محلها وحمل راية الإعلام عنها، بدً من الاستسلام لتغوّل مكونات الإعلام الجديد الأخرى (وعلى رأسها شبكات التواصل الاجتماعي الرقمي) التي أحدثتخلً في بنية التواصل الجماهيري بكافة وسائله. من هنا، تنطلق هذه الدراسة للنظر في الجوانب الإيكولوجية للاقتصاديات المؤسّسة
85
Made with FlippingBook Online newsletter