اكتشاف الذات... وترتيب الأولويات... سلوى حامد الملا بوعي وطالبة دكتوراه في جامعة حمد بن خليفة � كاتبة عمود أس
اكتشـفنا خـال هـذه الفت ـرة وخـال الجائحـة -بعدمـا تخطـت مراحـل كونهـا أزمـة- أننـا يمكـن أن نعيـشعلـى أبسـط الأمـور والأشـياء والاحتياجـات الضروريـة والبسـيطة، وأن مـا يقبـع وتمتلـئ بـه أدراج وخزانـة الملبـس مـن ملبـسسـهرات وخـروج! ومـن العباي ـات المبال ـغ فـي سـعرها وأشـكالها! ناهيكـم عـن حقائ ـب الي ـد صعب ـة المن ـال باهظــة الثمــن وغيرهــا! والمجوهــرات والســاعات الثمينــة التــي لــن تغيــر الزمــن وتعيـده! وكـم الإكسسـوارات التـي لا قيمـة لهـا إلا العلمـة التجاريـة، وكـم الأحذيـة -أجلكـمالله- والعطـور الباريسـية والعربيـة! وعلـب المكيـاج والكريمـات التـي انتهـت وتنتهـي صلحيتهـا بعـد شـهور مـن فتحهـا...! وغيرهـا مـن كمالي ـات ل ـم يعـد لهـا قيمـة واسـتعمال إلا مـا نـدر جـدّا خـال هـذه الفتـرة. اكتشـفنا كـم التبذيـر والإسـراف واللهـث خلـف عقـول وأبـواق ماديـة تـروج لـكل تلـك الماديـات والكماليـات! اكتشـفنا أن مـن الممكـن أن نعيـشعلـى الضروريـات وعلى أبسـط الأمور الأساسـية فـي الملبـسوالمـأكل والمعيشـة؛ بعيـدًا عـن البذخ وعـن طلبـات المطاعـم والخروج للمقاهـي والمجمعـات، اكتشـفنا المتعـة فـي الاسـتمتاع باحتسـاء القهـوة العربي ـة مـع طبـق حلـوى وتمـر، والاسـتمتاع بـأكل سـاندويتش بخبـز وجبـن مـع شـاي الكـرك المنزلـي، والتلـذذ بـأكل السـلطات مـن التبولـة والسـلطة المنزليـة، والاسـتمتاع بطبـخ الأكلت الشـعبية وغيرهـا مـن الأطبـاق والتلـذذ بتذوقهـا، والاسـتمتاع بكلمـة الإنجـاز فـيطهيهـا وتقديمهـا... بعيـدًا عـن مطاعـم وأطبـاق خياليـة السـعر وقليلـة الكمية والفائــدة! واكتشــفنا أن مــن الإنســانية منــح العامليــن بالمنــازل راحــة وطمأنينــة وأن نســاعدهم وأن نقــف معهــم ونشــعرهم بأننــا معًــا نعمــل ونخــدم متــى كنــا متواجديـن بالمنـزل... ولا نعتمـد عليهـم، وأن مـن الإنسـانية مسـاعدتهم وتسـليتهم فـي ظروف غيابهـم عـن أسـرهم وغربتهـم. اكتشــفنا أن الجل ـوس بالمنــزل متع ـة وراح ـة بالحــوار والنقــاش، حت ـى وإن ارتفع ـت حــدة النقــاش وجــرت بعــض المشــاجرات والاختلفــات، فإنهــا تعلــم وتــدرب البعــض
123
Made with FlippingBook Online newsletter