Together Apart-(A)

كورونا... كيف نخيب ظن العدم ونخلق المجتمع السليم؟! عبد الرحيم التوراني يروت � بي مقيم في ب � كاتب مغر

منـذ إعـان انتشـار الفيـروس فـي العالـم، أصبحـت لا أسـتطيع أن أحـدد أو أصـف مـا هـي علي ـه حالت ـي، أو قُـلْ: حالات ـي. حـالات شـعور متناقضـة صـارت تنتابن ـي وتجتاحن ـي فـي آن واحـد كعاصفـة محملـة بالرمـال والأتربـة وبالغبـار والحجـارة والأشـجار، وبـكل مـا تصادفـه أمامهـا... وتردمنـي تحـت الرعـب والشـجاعة والجبـن والإقـدام والحمـق... هـي حـالات مـا بي ـن الحـزن الغامـض والخـوف والفـزع والقل ـق والوحـدة والهـدوء والسـكينة والمـرح، وحت ـى اللمب ـالاة. دخلـت مـا سـمي بـ«الحجـر الصحـي» طوعًـا قبـل أن تقـرره السـلطات المعنيـة وتدعـو إلي ـه، وقـد عـودت نفسـي قب ـل مـدة عل ـى المكـوث والعـزل والاختفـاء والاعت ـكاف فــي البيــت. تمامًــا مثــل مريــض أو ناســك أو مطــارد هــارب. أغلــق هاتفــي فيصعــب العثـور علـي أو التواصـل معـي... أجلــس فــي البيــت، أرافــق كتبــي وأســطواناتي وألوانــي، لا أضــع الكتــاب إلا لأفتــح الإنترنـت، أمـا التلفزيـون فأنـا فـي شـبه خصـام معـه مـن أعـوام. علـى شـفتي دندنـة بكلمـات للشـاعر الكبي ـر محمـود دروي ـش: في البيت أجلس، لا سعيدًا لا حزينًا، بين بين ولا أبالي إن علمتُ بأنني حقّا أنا... أو لا أحدْ! وســرعان مــا أجــد أن درويــش لا يعبــر عــن حالتي/حالاتــي... بالمطلــق الــذي أســعى إلي ـه... أغمـض عين ـي يائسًـا وأغفـو، ث ـم يسـعفني دائمًـا «لاعـب الن ـرد»، يوقظن ـي، يدثرن ـي بأجنحت ـه الحالمـة، أرث ـي ذات ـي فـي ذات ـه قب ـل الأوان، يحثن ـي عل ـى الإسـراف فـي الحل ـم وأن أخي ـب ظـن العـدم.

203

Made with FlippingBook Online newsletter