Together Apart-(A)

طابقًـا عبـر السـالم. فلـم تكـن أحذيتنـا ذات الكعـوب المتوسـطة ٤٥ مكتظـة ننـزل الارتفـاع متكفلـة بالألـم فقـط، بـل أيضًـا الغبـار وزحمـه الموظفيـن. كل تفكيـري وأنـا أنـزل مـن السـالم هـو الآلام التـي سـتظهر بالأيـام القادمـة، وأكثـر مـن ذلـك، تفكيـري بحـالات كورونـا التـي قـد تكـون موجـودة هنـا بيننـا!! كلمــا اقتربنــا مــن الطوابــق الأخيــرة، ازدادت كميــة الغبــار التــي تغطــي الســالم والأرض. فــي الطابــق الثانــي كان هنالــك موظــف يتحــدث عبــر هاتــف الطــوارئ الموضــوع داخــل معبــر الســالم ويمســك بعلبــه ماســك العمليــات (الأزرق) وكل موظـف يأخـذ ماسـك ويكمـل مسـيرة آخـر طابقيـن. أخذنـاه أنـا وصديقتـي وارتدينـاه بنفـس اللحظـة. خرجن ـا مـن البواب ـة والموظفي ـن متزاحمي ـن فـي نقطـة التجمعـات المختلفـة وسـط العواصـف الرملي ـة، قل ـت لصديقت ـي لنذهـب إل ـى سـيارتي لنتصـدى للغبــار إلــى أن يتــم إعــان عودتنــا للمبنــى. بعــد نصــف ســاعة، عدنــا لداخــل البــرج بصفــوف مزدحمــة، وأعتقــد أن هــذه كانــت آخــر مــره ســنرى هــذه الجمــوع بهــذا والتباعـد الاجتماعـي. باليـوم الـذي يليـه، يـوم الخميـس، ١٩- الشـكل فـي ظـل كورونـا آخـر ي ـوم بالكـورس، كان جمي ـع الموظفي ـن بالكـورس تظهـر عليهـم أعـراض رشـح خفيفـة، مـن الغبـار بالأمـس، وبالطبـع بدايـة آلام فـي العضـات مـن نـزول أكثـر مـن أربعيــن طابقًــا. فبراب ـر ب ـدأت أعـراض مختلفـة: آلام مُبرحـة بجميـع عضـات ٢٨ ي ـوم الجمعـة تاري ـخ جســمي لدرجــة لــم أميــز أي عضلــه تؤلمنــي أكثــر، صــداع متوســط متقطــع، بدايــة ألـم بالبلعـوم، دوخـة، ولا أعـراض للحـرارة، الحمـد للـه. فـي الأيـام التاليـة بـدأت أحـداث كورونــا تتطــور وبــدأت حــالات الوفيــات تتزايــد فــي العالــم ومعهــا بــدأت أعراضــي بالتطـور مـع ظهـور الكحـة (الرطبـة) وهـو عكـس مـا أشـارت إليـه الصحـة العالميـة مـن أعـراض للكورونـا ولكـن لا أخفيكـم بأننـي لـم أثـق بهـذا الوصـف الدقيـق، فلـكل جســم طريقتــه بالدفــاع والتعبيــر عــن رفــض جســم مــا. بــدت لــدى زوجــي نفــس أعراضـي تمامًـا ولكـن بكحـة خفيفـة جـدّا. اتفقنـا أن ـا وزوجـي بعـزل أنفسـنا معظـم الوقـت بغرفتنـا وألا نقتـرب مـن أبنائنـا طـوال هـذه الفتـرة. كانـت أصعـب فتـرة لـي، لم أعتـد أن أُحـرم مـن تقبيـل وحضـن أبنائـي، دائمًـا مـا أشـعر بأننـا بحلـم طويـل سـينتهي قريب ًـا. كمـا أنن ـي أقدمـت عل ـى أخـذ أسـبوعين مـن رصي ـد إجازات ـي لأسـتطيع العمـل م ـن المن ـزل ب ـدون أن أُع ـرض غي ـري لاحتمالي ـة الع ـدوى، قب ـل أن يت ـم إع ـان العمـل والدراسـة مـن المن ـزل بشـكل رسـمي.

62

Made with FlippingBook Online newsletter