Together Apart-(A)

- مبروك، سلبية... إنهـا المـرة الأولـى التـي يكـون الوصـف بالسـلبية فيهـا قمـة الإيجابيـة، تـا الطبيـب –بروتيني ـة- بن ـود التعهـد الطب ـي ال ـذي سـيوقعونه بالحج ـر لسـامتهم، ب ـدا المـكان كل ـه مشـبعًا بفكـرة الانتظـار والبعـد... المسـافات ماثلـة دائمًـا بيـن الجالسـين والأطبـاء والممرضيـن والشـرطة، كل شـيء يوحـي بالبعـد والتباعـد، لا مصافحـة، والنظـرات المتبادل ـة توحـي بشـيء مـن القل ـق، فقـط طاقـة الفكـرة الت ـي تشـع فـي المـكان: البعـد... والمسـافة، كان ـوا يصفـون المســافة بالآمنــة... لكنهــا كانــت مقلقــة، لــم تكــن المســافة محايــدة أبــدًا، ولــن تكـون... كل مسـافة لهـا حياتهـا الخاصـة، لهـا محتواهـا، نموهـا، أبعادهـا زواياهـا، تاريخهـا ال ـذي يطـول أو يقصـر، يمتل ـئ بالتفاصي ـل، أو تحتجـب في ـه التفاصي ـل... ســار، سيســتقبله أبــوه فــي الخــارج، هــذه المــرة لا أحضــان ولا عنــاق، ولا ازدحــام مسـتقبلين، لا هدايـا فـي الحقائـب، فقدومـه هـذه المـرة ليـس احتفاليّـا، والمسـافة ليســت مليئــة فرحًــا بــل ترقبًــا، ســيقف الجميــع مشــرئبين بأعناقهــم علــى حافــة المســافة الفاصلــة بينهــم وبينــه... أخفـى أبـوه دموعـه بصعوبـة، رغـم صغـر المسـافة طـو ً، بينـه وبيـن ابنـه الأوسـط طالــب الهندســة الكهربائيــة منــذ ثــاث ســنوات، إلا أنهــا طالــت لأن القلــق ملأهــا، كان ابنـه البكـر، تسـبقه منيـرة المعلمـة التـي تعمـل عـن بعـد، وإذا داومـت فتبقـى المسـافة قائمـة بينهـا وبي ـن زميلتهـا، لا مصافحـة ولا قُب َـل، ي ـرن تعليقهـا فـي أذن الأب: - بغـض النظـر، تحبيـن فلنـة تبغضيـن تلـك، تختلفيـن مـع الثالثـة، لـن تصافحـي أحـدًا، كنـا نختـار مـن نصافحـه واليـوم لا نصافـح أحـدًا. تبـادل أرحمـة ووالـده الأسـئلة الروتينيـة، كاتميـن الانفعـالات كافـة، والدمـوع، فـا عنـاق ولا مصافحـة حتـى، فـإن كان الوالـد قـادرًا علـى المقاومـة فـأم أرحمـة مصابـة بالسـكر، والجـد أرحمـة الحلقـة الأضعـف... طمأنــه الأب، قــصّ القصــص الروتينيــة ذاتهــا التــي كان يســمعها علــى الهاتــف، ولكـن الآن هنـاك تعديـات، فلـم يعـد المجلـس الأسـبوعي لأبنـاء العـم والخـال عامـرًا، هـز أرحمـة رأسـه، وقـال:

94

Made with FlippingBook Online newsletter