Together Apart-(A)

مـ ت العواطـف المسـافة، ووصل ـت لشـغاف القل ـوب، مـا أصعـب الوق ـوف عل ـى حافــة مســافة ملؤهــا الانتظــار والعاطفــة الصادقــة، وجــاء الجــد، وقطــع صــوت خطواتـه وعصـاه المسـافة، وتخشـبت الخطـوات عنـد البـاب، ليمـ صوتـه المتحشـرج المســافة، ويعبــر البــاب. بســبب قصــص جــده، كانــت طفولــة أرحمــة أقــل انشــغاً بالــواي فــاي ومــا لــف لفـه، كانـت طريقتـه فـي القـصمسـلية وسـرده خاصّـا، والآن يجلـس الجـد والحفيـد سـويّا بينهمـا البـاب، والمسـافة مملـوءة شـجنًا، كان يوميّـا يأتـي ويجلـسعنـد البـاب، يتحدثـان حتـى يشـعر الجـد بالتعـب البدنـي فيقـوم. أمـا الطعـام فيوضـع عن ـد الب ـاب مـن الخـارج، يتناول ـه أرحمـة، لتخـرج الأدوات لاحقًـا مغلفــة بإحــكام، بينمــا المنــزل خــارج الغرفــة كلــه متباعــد خشــية مــن أي عــدوى محتملــة، خاطــب الجــد حفيــده: - يا ولدي الكل بعيد عن بعض... - القلوب قريبة لا بأس... - كانـوا بعيديـن، الآن أحسـوا بالقـرب وأهميتـه... يحملـون هـذه التلفزيونـات الصغيرة بأيديهـم ويـدورون، الآن ملوهـا... وجلسـوا متباعديـن يتحدثون... هــز الحفيــد رأســه، كان الجــد يســمي الأجهــزة الذكيــة التلفزيونــات الصغيــرة، أمــا أرحمـة الحفيـد، فـكان أكثـر مـن يفهـم مـرارة التباعـد والحجـر، كان البيـت فعليّـا قـد مـل التطبيقـات والأجهـزة اللوحيـة، الأم لا تـزور ولا تـزار كالسـابق، منيـرة فـي بيتهـا مـع أطفالهـا، إخوان ـه محبوسـون، لا مجمعـات، لا مجال ـس، لا تخييـم... لا حدائ ـق. أمـا أرحمـة نفسـه فمـلّ التطبيقـات المختلفـة بعـد مـروره عليهـا جميعًـا، قـرر فـي النهايـة مـلء المسـافة الزمنيـة بالإنجـاز، فواصـل مشـاريعه الجامعيـة، جـدد شـغفه القدي ـم ف ـي الرسـم، انتعشـت المسـافة الزمني ـة، لكن ـه انتعـاش خاف ـت، ق ـرر تحدي ـد وقـت لقـراءة القـرآن، ب ـدت تلـك مسـافات متوهجـة. تمتلـئ المسـافة شـوقًا، كلمـا وضعـوا الطعـام علـى البـاب، وكلمـا كانـت الأدوات مغلقــة بإحــكام، وكلمــا جلــس أحــد عنــد البــاب يحادثــه مــن بعيــد، ولكــن الحيلــة معدومـة لقطعهـا، مـا أصعـب أن تشـرئب الأعن ـاق عل ـى حافـة المسـافة شـوقًا. مضـت المسـافة الزمني ـة، كان يشـعر أحيان ًـا بالجـدران تحي ـط ب ـه، ت ـكاد تطب ـق عل ـى

96

Made with FlippingBook Online newsletter