| 108
الحياة، وأســلوب التشــجيع المختلف، إضافة إلى القواعد والمعايير الناظمة لسلوك المجموعــة، في تكريس هذا النموذج الهوياتي. تحولت هذه الخصائص إلى نموذج يحتذى به من طرف المشجعين الجدد، بل وحتى من قبل فئة واسعة من المشجعين القدامى. فرضت هذه الثقافة نوعًًا من الهيمنة على استخدام العنف وتوجيهه نحو من يُُصنََّفون أعداء خارجيين، وتمكنت من إخماد الآراء الشخصية المختلفة باسم الإيمان الجماعي المشترك. بذلك، نجحت في منح كل عضو من أعضاء مجموعات الألتراس بالمغرب سمات العالم المصغر المكتفي بذاته، الذي يضمن دمجًًا عاطفيًّّا لكل فرد في دوره الخاص، مع تحميله مســؤوليات وواجبات محددة داخل الجماعة، وتعزيز شــعوره بالانتماء إلى الكل وإلى البُُعد الجماعي للمجموعة. ) حول Jacques Derrida يمكــن فهم هذا التماهي انطلاقًًا من تصور جــاك دريدا ( الهويــة، باعتبارهــا دائمًًا مفككــة. فالهويات، وفق هذا المنظــور، لا تُُختبر بوصفها مكتملــة، وإنمــا تظــل في حالة من النقص البنيوي، لأنها لا تتشــكل إلا من خلال تمايز يحد في الآن نفسه من وحدتها، ويجعلها قائمة على حضور الآخر الذي يمنحها معناها ويكمل تعريفها. ب. التمايز الهوياتي أضحــت القاعــدة الجماهيرية لكرة القدم في المغرب تشــكل امتــدادًًا لهوية الفرد مــن الناحيــة الوجودية؛ إذ لم يعد الفريق مجرد كيان خارجي يتابعه المشــجع، بل أصبــح امتدادًًا ذاتيًّّا له. يتجلى هذا التماهي في اللغة اليومية المتداولة داخل الفضاء ا : الجماهيري؛ حيث يُُستخدم ضمير الجمع في الإحالة إلى نتائج الفريق، فيقال مثلًا لقد " ، في حين أن المقصود هو: " كيلناهم فالتيران " ، أو " غلبناهــم " ، أو " ربحناهــم " شنو درتوا مع " . ويتكرر الأمر في الأسئلة الجماعية مثل: " فاز الفريق الذي أشــجعه ، وهي صيغ تشــير إلى نوع من الذوبان " شــنو درتوا مع الخضرين؟ " أو " الحمرين؟ الهوياتي للفرد داخل جماعة المشجعين. إن استخدام ضمير الجماعة في هذا السياق يعبِِّر عن انصهار الذات الفردية في الذات ا ، بل يُُتمثََّل بوصفه جزءًًا من الجماعية، بحيث لا يُُنظر إلى الفريق باعتباره كيانًًا مستقل ًّا
Made with FlippingBook Online newsletter