| 118
يمكن القول: إن الخصائص العامة للأيديولوجيا، مرادفًًا للثقافة، تعود لدى الألتراس المغربــي إلــى فترة ظهور ثقافة القاعدة الجماهيرية وإضفاء الطابع المؤسســي على جماهير كرة القدم في المغرب، منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشــرين. ففي تلك الفترة، وأثناء مرحلة تميزت ببلقنة المشــهد السياســي، بدأت مجموعات الألتراس في تطوير مواقفها المناهضة للدولة، بوصف الدولة معادية للظواهر التنظيمية التي تشتغل خارج بنيتها، كما بدأت في تطوير هويتها الانطوائية، وتعززت الخصائص السياسية والحقوقية للحركة بعد المناظرة الوطنية الثانية للرياضة، خصوص ًًا مع مناقشة . وترسخت مواقف المجموعات بين مناهضة للخطاب الذي 09 . 09 مشروع القانون تروجه السلطة وموالية له مع ظهور حركة العشرين من فبراير. وعلى الرغم من بداية ظهور ما يســمى بالعقلية الإسلامية في أدبيات الحركة، لم تؤكد هذه المجموعات ارتباطهــا الوثيــق بتنظيمات الإسلام السياســي في المغرب، بــخلاف ما حدث في التجربة المصرية، ولا بأي من الأيديولوجيات الوطنية السائدة. مــن ناحيــة أخرى، يرتبط توطيد القيم المناهضة لكل ما هو سياســي أو صادر عن السلطة مباشرة بتصرفات الحكومة تجاه مشجعي كرة القدم، خاصة بعد دخول القانون . وقد تحولت هذه القيم تدريجيًّّا إلى أيديولوجيا قائمة 2012 حيِِّز التنفيذ، سنة 09 . 09 بذاتهــا، مك ََّنت المجموعات من تبنــي موقف معارض للمنطق الجديد الذي فرضته الحكومة والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. تمت مقاربة هذا الموقف من زاوية التقاليد الغريزية، بوصفه تمسكًًا بأسلوب الحياة التقليدي للمشــجعين. ويُُعد هذا التمســك استجابة مباشــرة للتحولات الاجتماعية للألتراس باعتباره " المدرسة القديمة " س ـ َر التشبث بقيم � الجارية. في هذا الســياق، يُُف ا من أشكال إعادة بناء الهوية الجماعية، وإعادة تأكيد لمقومات الهوية الذكورية شكل ًا داخل هذه المجموعات. أسهمت مجموعة من الأحداث المأساوية التي شهدتها الملاعب الرياضية في المغرب في بلورة وعي مزدوج لدى حركة الألتراس: وعي رسمي بأزمة المجموعات، ووعي ذاتــي بالأزمة العميقة التي تعاني منها الحركية. وقد تجســد هذا الوعي، بدايةًً، عبر عصبة ألتراس " تشــكيل إطار تنســيقي جمع قادة ونوى المجموعات، عُُرف باســم . " اتحاد ألتراس المغرب " ، قبل أن يتطور لاحقًًا إلى " المغرب
Made with FlippingBook Online newsletter