العدد 27 من مجلة لباب

119 |

أفرز هذان الإطاران نتائج لافتة، من أبرزها بروز توجه ثالث ضمن الحركية، يتجاوز التقاطب التقليدي بين المدرســة الكلاسيكية والمدرسة الحديثة، ويتمثل هذا التوجه ، وهو خيار اعتمدته بعض المجموعات التي " الألتراس بعقلية إسلامية " فيما يُُعرف بـ ا لإعادة بناء النموذج تدعــو إلــى وحدة الألتراس، وترى في العقلية الإسلامية مدخلًا .) 41 وتجديد تصوراته( ، ورغم أن فكرة " الألتــراس بعقلية إسلاميــة " مــن وجهــة نظر التيار الداعــي إلى الألتراس مستوردة من السياق الغربي، فإنه يمكن تكييفها بما ينسجم مع تعاليم الدين الإسلامي، القائمة على التســامح، ونبذ العنف، وتعزيز قيم العيش المشــترك داخل المجموعــة الواحــدة. ووفقًًا لهذا التصور، ينبغي تجــاوز منطق العنف بين الفصائل يـ ًا؛ حيث يعد الألتراس ظاهرة اجتماعية تتغير � باعتباره ســلوكًًا مرفوض ًًا دينيًّّا وأخلاق قيمها ومبادئها بتغير المجتمعات، وبالتالي يجب إعادة بنائها بما يتماشى مع المرجعية إذا التقى المســلمان بسيفيهما، " الإسلامية وقيم الأمة، اســتنادًًا إلى الحديث النبوي: . " فالقاتل والمقتول في النار ورغم الانتقادات الشديدة التي وُُج ِِّهت إلى هذا التيار، لاسيما تلك المتعلقة بتقسيم ، فإن بروز هذا " الألتراس بمرجعية غربية " و " الألتراس المســلم " الحركية إلى فئتين: التوجه كشــف عن اعتراف صريــح، ولو متأخرًًا، بعمق الأزمــة البنيوية التي تعاني داخل " الأنوية " منهــا الحركيــة. كما عكس هذا الخطاب حجم القلق الــذي ينتاب المجموعات إزاء مستقبل الألتراس في ظل التصاعد المستمر للعنف والتعصب بين الفصائل، بما يهدد بتفكك الحركية برمتها. أضحت ثقافة الألتراس المغربي متجانسة من حيث الطبيعة العامة (محافظة، مناهضة للســلطة، معادية للحزبية)، لكنها في الوقت نفســه تتوزع بين من يتبنى قيم اليســار )، والتوجــه Marxist Left )، واليســار الماركســي ( Anarchist Left الفوضــوي ( الإسلامي. وينعكس هذا الاختلاف أيض ًًا في تبني قيم الألتراس بين أنصار المدرسة القديمــة، والمدرســة الحديثة، وأنصار الألتراس بعقليــة إسلامية. وبذلك، فإن نهج الألتراس المغربي يُُعد فريدًًا في مســتواه العالمي، حيث تروج مجموعات الألتراس لاختيارات أيديولوجية وطنية وسياســية مختلفة، بل إن المجموعات نفسها قد تتبنى توجهات مختلفة عبر الزمن.

Made with FlippingBook Online newsletter