العدد 27 من مجلة لباب

129 |

ا معقدًًا بين مفهومي يُُظهــر تحليل هذا الســلوك، من منظور علم السياســة، تــداخلًا كما وردا في الأدبيات السياســية. فالقومية، بوصفها مفهومًًا " الوطنيــة " و " القوميــة " سياسيًّّا، غالبًًا ما ترتبط ببناء الهوية الوطنية وتحديد العلاقة بين الأفراد والدولة على أساس قيمي ومصلحي مشترك. وفي هذا السياق، تتبنى مجموعات الألتراس نموذج ًًا من القومية يعيد تشكيل مفهوم الوطنية بطريقة تناسب خصوصية تجربتها؛ حيث تحو ِِّل الملاعب الرياضية إلى فضاءات جديدة للتعبير السياسي. من خلال استخدام الملاعب، سواء داخل المغرب أو خارجه، كمنصة لإعادة إنتاج خطاب الوطنية، تمكنت مجموعات الألتراس من إدماج الرياضة في الأبعاد الرمزية والسياســية لقضية الصحراء المغربية. يشير هذا الاســتخدام المبتكر للرياضة منصة للدبلوماســية الشعبية إلى تحول في أشــكال التعبئة السياسية الحديثة؛ حيث لم تعد الأحزاب السياسية أو المؤسسات الرسمية الفاعل الوحيد في الساحة الوطنية بل تقدم مجموعات الألتراس نموذج ًًا جديدًًا للتعبئة الشــعبية، يدمج بين النشاط الاحتجاجي والدفاع عن القضايا الوطنية. وباستخدام أدوات التحليل المفاهيمي لعلم السياسة، يمكن القول: إن هذه المجموعات Joseph ، كما صاغها جوزيف ناي ( " الدبلوماســية الناعمة " تســهم في توسيع نطاق )، التي تشير إلى قدرة الفاعلين على التأثير في الآخرين عبر الجذب والإقناع، Nye ا من الاعتماد على القوة العســكرية أو الاقتصادية. ومجموعات الألتراس، رغم بدل ًا كونها تنظيمات غير رســمية، تمارس هذا الدور من خلال توظيف الرموز والرسائل القوية في الملاعب الرياضية. إن دفاع الألتراس عن الوحدة الترابية بأســلوبه الخاص، واستخدامه الفعال للرياضة أداة لنشــر رســائله الوطنية، يعزز الفكرة القائلة بأن الهوية الوطنية هي بناء اجتماعي مســتمر، يتشكل ويتجدد عبر مساهمة فاعلين مختلفين، بما في ذلك الفئات الشبابية غير الرسمية مثل مجموعات الألتراس.

Made with FlippingBook Online newsletter