العدد 27 من مجلة لباب

| 130

خاتمة تكشــف نتائج هذه الورقة أن الألتراس فــي المغرب ليس مجرد حركات جماهيرية مرتبطة بالرياضة، بل هو ظاهرة اجتماعية وسياســية متعددة الأبعاد، نشأت في سياق معقد يعكس تفاعلات المجتمع المغربي مع السلطة والهوية الوطنية. تتســم هذه المجموعات بقدرتها على اســتيعاب اختلافــات أعضائها الأيديولوجية والتفاعل معها دون أن تؤثر على وحدتها الجماعية. فعلى الرغم من تنوع الانتماءات السياســية والأيديولوجية داخل صفوف الألتراس، تبقى الهوية الجماعية متماســكة، وتعكس مزيجًًا من التوجهات اليسارية والإسلامية والقومية والأمازيغية. من خلال نشاطاته في الملاعب، يستخدم الألتراس الفضاء الرياضي منصة للتعبير عن مواقفه من الثوابت الوطنية، خاصة فيما يتعلق بقضية الوحدة الترابية للمملكة. ويؤكد هذا التفاعل أن الرياضة تمثل أداة فعالة للتعبئة الجماهيرية والدبلوماســية الشــعبية؛ حيث يعزز الألتراس من خلالها الموقف العام من القضايا الوطنية ويقدم دعمًًا غير مباشر للسلطة. وعلى الرغم من الطابع الاحتجاجي للألتراس ضد السلطة السياسية، فإن هذه المجموعات تُُظهر ولاء قويًًّا للمََلََكية، وتُُوظف الرموز الوطنية والدينية لتأكيد انتمائها ودعمها للقضايا السيادية. تشير نتائج الورقة أيض ًًا إلى أن مجموعات الألتراس المغربية تمتلك قدرة فريدة على توظيــف الاختلافات الأيديولوجية لتعزيز وحدتها الداخلية. فالتنوع الأيديولوجي لا يؤدي إلى التنافس الداخلي، بل يســهم في تفاعل إيجابي مع الســياق الوطني العام؛ حيــث تســعى كل مجموعة إلى الدفاع عن مصالحها عبــر تبني موقف وطني داعم للوحدة والسيادة الوطنية، مع إبراز الولاء للمؤسسة الملكية. ختامًًا، يمكن القول: إن الألتراس المغربي قد تجاوز حدود دوره التقليدي كمجموعات ا اجتماعيًّّا وسياسيًّّا مؤثرًًا. فهو يسهم في إعادة إنتاج تشــجيعية رياضية، ليصبح فاعلًا الهوية الوطنية، عبر استخدام فضاءات الملاعب منصات للتعبير عن مواقفه؛ مما يعزز ا ضمن الديناميكيات السياسية والاجتماعية بالمغرب، دون الخروج موقعه جزءًًا فاعلًا عن الإجماع الوطني حول الثوابت الأساسية.

Made with FlippingBook Online newsletter