139 |
مقدمة يعد الفســاد بكافة صوره وأشــكاله ظاهرة اجتماعية واقتصادية وثقافية حاضرة في مختلــف المجتمعات وبنســب متباينة، وتعد الوقاية منها ومنــع وقوعها ومكافحتها عملية معقدة بحجم تعقيد حالات الفساد، وتعدد صوره، وأشكاله، وأسبابه، ودوافعه. وتدرك الدول والمجتمعات أنها لا تملك خيار عدم المواجهة الشاملة للفساد الذي أضحى يهدد اقتصادها وسمعتها واستقرارها وأمنها وحتى وجودها، كما أن المواجهة الفعََّالة للفســاد عملية منهجية شــاملة تتطلب وجود منظومة مسؤولة عن الوقاية من ا ، ومكافحته في حــال وقوعه ثانيًًا. فوجود هذه المنظومة الفســاد ومنع وقوعه أولًا فــي أي دولة هو أمر حتمي لسلامة النظــام الإداري والاقتصادي وكفاءته وفاعليته، وحماية المال العام، وشــرط أساسي لبيئة عمل واستثمارات تنافسية وخلاقة. ولعل من الحقائق المهمة التي ينبغي إدراكها في موضوع الفساد أن وجود المنظومة لا يكفي وحده للوقاية من الفساد ومكافحته، وإنما لابد لهذه المنظومة أن تعمل ضمن إطار إستراتيجي يؤطر جهود جميع الأطراف في المنظومة، ويمثل خارطة طريق للوصول إلى الغايات المنشودة المتمثلة بمنع وقوع الفساد، ومكافحته في حال وقوعه. وتشــير التجارب الميدانية الإقليمية والدولية إلى أن وجود إســتراتيجية وطنية، تركز على وسائل الوقاية من الفساد ومنع وقوعه وسبل مكافحته عند وقوعه يمثل الترجمة الواقعية للإطار الإستراتيجي الذي يوجه عمل منظومة الوقاية من الفساد ومكافحته. كما أن إعداد الإســتراتيجية وتنفيذها ورصد وتقييم نتائجها يتطلب مســاهمة جميع الأطراف ذات الصلة، ومنها على وجه التحديد القطاع الخاص. أهمية البحث أوضحــت المراجعــة المكتبية للجهود الســابقة من بحوث ودراســات وتقارير أن موضوع مشــاركة القطاع الخاص في جهود الوقاية من الفســاد تكاد تكون محدودة مقارنة بالدراســات والبحوث التي ركزت على الفســاد في القطاع العام. لذا تتمثل أهمية البحث في كونه يشــكل إضافة للبحوث والدراسات السابقة التي تناولت دور القطاع الخاص في الوقاية من الفساد وذلك من خلال اقتراح تعريف إجرائي للفساد،
Made with FlippingBook Online newsletter