| 184
متبادلة للطرفين، في حين يذهب آخرون إلى التشكيك في نوايا الصين، معتبرين أن هذه المشاريع تخفي وراءها دوافع سياسية توسعية. ومن هنا نشأت رؤيتان أساسيتان: الأولى تعتبر أن الصين تسعى لبناء علاقات منفعة متبادلة مع الدول الآسيوية لتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي، والثانية ترى أن هذه المبادرة ما هي إلا أداة إستراتيجية لتعزيز نفوذ بيجين السياسي والاقتصادي في القارة. تكتسب هذه الدراسة أهميتها من كونها تسعى إلى تحليل السياسة الخارجية الصينية ، بوصفها أداة مركزية لإعادة تشكيل علاقات الصين " الحزام والطريق " في إطار مبادرة بدول آسيا، وتحديدًًا باكستان. وتأتي خصوصية الحالة الباكستانية من جملة اعتبارات جغرافية وتاريخية تجعل منها شــريكًًا ذا أهمية إســتراتيجية للصين؛ الأمر الذي يبرر تناولها بوصفها دراسة حالة مستقلة. كما تُُبرز الدراســة الأهمية الجيوسياســية لميناء جوادر، الذي يُُعد أحد أهم حلقات . فالموقع الجغرافي الحيوي لهــذا الميناء يمنحه مكانة " الحزام والطريــق " مبــادرة إستراتيجية عالمية؛ إذ إن الجهة التي تسيطر عليه ستكون قادرة على التأثير في خطوط الإمداد البحرية والبرية للطاقة، بما قد يضعه في موقع منافسة مباشرة مع موانئ رئيسية في الخليج العربي، وعلى رأسها الموانئ الإماراتية. على الرغم من سعي " ضمن هذا الســياق تتبلور إشــكالية البحث على النحو التالي: الصين لتحقيق التنمية الاقتصادية وتعزيز البنية التحتية في آســيا من خلال الممرات الاقتصاديــة، فــإن تدخلاتها الإقليمية أثارت منافســات وصراعات مصالح مع دول إقليمية ودولية فاعلة. وقد أســهم ذلك في تشــكل تحالفات مضادة، مثل الشــراكة الإســتراتيجية بيــن الهند والولايات المتحدة والإمــارات، الهادفة إلى احتواء النفوذ . " الصيني والحد من تمدده ومن هنا يُُطرح هذا الســؤال: كيف تســهم السياسة الخارجية الصينية في قارة آسيا، وتحديدًًا في باكستان، في تحقيق مصالح بيجين الاقتصادية والسياسية؟ وينطلق هذا البحث من فرضية مفادها أن الصين نجحت في تعزيز مصالحها الاقتصادية " الحزام والطريق " والإستراتيجية في قارة آسيا، لاسيما في باكستان، من خلال مبادرة والممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني. ويظهر ذلك في تنامي دورها في إدارة منشآت
Made with FlippingBook Online newsletter