العدد 27 من مجلة لباب

213 |

خاتمة الباكستاني نافذة تحليليّّة مهمّّة لفهم التحوّّل – تمثّّل دراســة الممر الاقتصادي الصيني في السلوك الجيوسياسي للصين خلال العقدين الماضيين، من قوة اقتصادية صاعدة إلى فاعل إســتراتيجي يسعى إلى إعادة هندسة التفاعلات الإقليمية والدولية. فالممر سـَعة لدور الدولة � لا يختزل فقط طموحات الصين التنموية، بل يعكس رؤيتها المو في إعادة تشكيل الجغرافيا الاقتصادية والجيوسياسية للعالم. وقد أظهرت الصين، من خلال هذا المشروع، قدرة متزايدة على الجمع بين أدوات القــوة الناعمة (الاســتثمار، التنمية، الربح المتبــادل) وأدوات القوة الصلبة (الوجود الأمني، بناء المنشــآت البحرية، الحضور العســكري غير المباشــر)، ما يجعلها أكثر استعدادًًا لمنافسة القوى التقليدية في المناطق الحيوية، لا سيما جنوب ووسط آسيا. كما كشف المشروع عن نمط شراكات جديدة، تتجاوز التحالفات السياسية التقليدية، لصالح مقاربات براغماتية تركز على تقاطعات المصالح الاقتصادية والجيوسياســية، وتُُعيد تشكيل موازين القوى في بيئة إقليمية معقّّدة ومتشابكة. وتبدو باكستان في هذا الســياق نموذج ًًا لهذا النوع من الشــراكة، إذ تتحوّّل من طرف متلق للمساعدات إلى عقدة لوجستية تربط بين مشاريع كبرى وأقاليم استراتيجية. وفــي المقابــل، يُُثير المشــروع مخاوف متزايدة لدى قوى إقليميــة ودولية ترى في المبــادرة تهديدًًا مباشــرًًا لمصالحها، ما يفتح الباب أمام مزيد من المنافســة وربما التوترات، لا ســيما في المحيط الهندي والممرات البحرية الحيوية. وقد بدأنا نشهد بالفعــل تبلور مبادرات موازية وتحالفات مضــادة، في محاولة لكبح الزخم الصيني الصاعد. في ضوء ما سبق، يمكن تلخيص أبرز النتائج التحليلية للدراسة على النحو الآتي: • الباكستاني أحد أبرز تطبيقات السياسة الخارجية – يُجسّد الممر الاقتصادي الصيني الصينية الجديدة، التي تمزج بين المصالح الاقتصادية والحســابات الإستراتيجية بعيدة المدى. • يُوفر المشــروع للصين منفذًا بديلًا إلــى المحيط الهندي، ويُقلّص من اعتمادها على المضائق الخاضعة للرقابة الغربية، خصوصًا مضيق ملقا، ما يُعزز استقلاليتها الإستراتيجية.

Made with FlippingBook Online newsletter