| 248
إيرانيــة بمشــاركة أميركية، وردََّت طهران بصواريخ دقيقــة وهجمات إلكترونية على العمق الإسرائيلي. لقد تســببت حرب الاثني عشــر يومًًا، التي توقفت بوساطات إقليمية ودولية، بإعادة تعريف الصراع بين الطرفين بطبيعته وأدواته، وطرحت أسئلة جوهرية حول مستقبل التوازنات في الشــرق الأوســط، ودور الفاعلين الإقليمييــن والدوليين في إدارة أو .) 4 تأجيج التوتر( وسنســعى في هذه الدراســة إلى تفكيك أبعاد هذا الصراع المعقد من خلال مقاربة تحليليــة تتناول جــذوره وآلياته وتحولاته من منظــور بنيوي-وظيفي يراعي تداخل العوامــل الثقافية والدينية والسياســية والعســكرية في إنتاج بيئة عــداء مركبة قابلة للانفجار في كل حين، ويُُبرز تعقيدات بنية العداء المركب بما يشــمل أيض ًًا التدخل الأميركي ودور الوكلاء الإقليميين وتحولات الردع التقليدي والحديث. ا : تطو ّّر العلاقات الإيرانية–الإسرائيلية–الأميركية أول ًا . العلاقات في عهد الشاه 1 علــى خلاف الســرديات التبســيطية التي تقــدم العلاقة الإيرانية-الإســرائيلية عداء مزمنًًا، تكشــف الوقائع التاريخية عن مســار شــديد التعرج والتعقيد بدأ " وجودي ًًّا " بتحالف إستراتيجي خفي، ثم انقلب إلى خصومة عقائدية حادة بعد الثورة الإسلامية. لم تكن تلك التحولات وليدة الانفعالات الأيديولوجية فحســب، بل جاءت، أيض ًًا، نتيجة تراكمات إستراتيجية، كما يوضح الكاتب الإيراني/الأميركي، تريتا بارسي، في العداء الحالي بين الطرفين ليس " ؛ حيث يرى أن " التحالف الغادر " مؤلفه المرجعي .) 5 ( " قدََرًًا محتومًًا، بل ثمرة تحولات سياسية وجيوسياسية طويلة المدى في ســتينات وسبعينات القرن العشرين، ربطت بين الشاه الإيراني وإسرائيل علاقات إســتراتيجية وثيقة رغم الفروق الجذرية في الهوية السياســية والدينية بين الطرفين. كانت تلك العلاقة قائمة على منطق المصالح الأمنية لا على القواســم الثقافية. فقد الإسرائيلية، وهي عقيدة " نظرية المحيط " انخرط البلدان ضمن ما عُُرف تحت اســم أمنية تهدف لبناء شــبكة تحالفات ســرية مع دول غير عربية (مثــل تركيا، وإثيوبيا، .) 6 وإيران) لتطويق المحيط العربي المعادي لإسرائيل(
Made with FlippingBook Online newsletter