العدد 27 من مجلة لباب

| 254

العمق الإســرائيلي، وإبقاء الحرب مفتوحة على عدة جبهات. وهكذا دخل الطرفان ؛ حيث لا يملك أي منهما القدرة على الحسم، لكنه " الردع المتبادل المهدد " مرحلة يستطيع تكبيد الآخر ثمنًًا باهظًًا. ولعل أخطر ما في هذه المرحلة هو أن شروط الصراع أصبحت مفتوحة على جميع الســيناريوهات من التدويل إلى التفكك الداخلي، ومن حرب استنزاف طويلة الأمد . " اللا-حسم " إلى اندلاع مواجهات متكررة تحت سقف ، موقفًًا سياسـيًّّا تقليديًّّا، بل جزءًًا مكونًًا 1979 لم يكن العداء الإيراني لإسرائيل، بعد لهوية النظام الجديد. فالثورة الإسلامية، بقيادة آية الله الخميني، لم تكتف بإســقاط ضد " دولة مقاومة " نظــام الشــاه فقط، بل أعادت، أيض ًًــا، تعريف إيران باعتبارهــا المشــروع الصهيوني، وربطت مشــروعيتها الداخلية والخارجية بموقفها من فلسطين وإســرائيل. وهكــذا تحولت القضية الفلســطينية إلى ركيزة في الخطاب السياســي -وفق أدبيات الثورة- يعني بالضرورة " المســتضعفين " والديني الإيراني، فبات دعم دعم حركات المقاومة الإسلامية، خصوص ًًا في لبنان وفلســطين، ورفض أي تســوية . " ا كيانًًا زائلًا " مع إسرائيل باعتبارها وقد بات هذا العداء، المقرون بالشــرعية الثورية، ثابتًًا أساسيًًّا غير قابل للتنازل عنه، فالتنازل، أو التراجع حتى وإن كان تكتيكيًًّا، سيكون بمنزلة انتحار رمزي للنظام الذي ربــط وجــوده التاريخي بعقيدة العداء الدائم لتل أبيب، وهذا ما أضفى على الصراع .) 18 طابعًًا دينيًّّا وأيديولوجيًّّا يصعب كسره بالمفاوضات أو بتبدل التحالفات( على الطرف الآخر، لم تكن إسرائيل أقل توظيفًًا للرمزية والهوية. فمنذ صعود إيران ، تبنََّت تــل أبيب خطابًًا يصور الجمهورية الإسلامية تهديدًًا 2003 كقــوة إقليمية بعد وجوديًًّا يوازي النازية في ثلاثينات القرن الماضي. استخدمت إسرائيل ورقة البرنامج النووي، والدعم الإيراني لحزب الله وحماس، كأدوات تحشــيد دبلوماســي وديني، مُُصورة إيران قائدًًا لمحور راديكالي يسعى لتطويقها وتدميرها. ، ودفعت نحو مزيد من التنسيق " الهلال الشيعي " وقد غذ ََّت هذه الرؤية المخاوف من مع الأنظمة العربية المحافظة، وأسهمت في تمهيد الطريق لاتفاقيات التطبيع (أبراهام) .) 19 التي لم تُُخف أنها موجهة، ضمنيًّّا، ضد النفوذ الإيراني المتنامي في الإقليم(

Made with FlippingBook Online newsletter