255 |
بالإضافــة إلــى ما تقدم، لا يمكن فهم طبيعة هذا الصراع، بشــكل أفضل، من دون تحليل البُُعد الثقافي والإعلامي في بلورته. ففي إيران، تحولت إســرائيل إلى صورة مجازية للغرب الاستعماري والظلم العالمي، وهو ما تم توظيفه في السينما والدراما في الوعي العام " الشــيطان الأصغر " والخطاب الديني والتعليم أيض ًًا، لتثبيت صورة الإيراني. أما على الجانب الآخر، في إســرائيل، فقد ص ُُوِِّرت إيران ثيوقراطية متطرفة تســعى لإبــادة الدولة العبريــة. وقد عززت هذه المقاربة الخطــاب الأمني داخل المجتمع الإســرائيلي، ووُُظ ِِّف ذلك في الحملات الانتخابيــة وفي مناهج التعليم، وفي تبرير السياسة التوسعية بشكل عام. ، الذي لا يقتصر على النخب " العداء المركب " غذََّى هذا التفاعل المتبادل حالة من السياســية أو العســكرية وحسب، بل يتغلغل في الوعي الشعبي أيض ًًا، بما يجعل كل محاولة للتهدئة تبدو غير طبيعية أو مريبة لدى الجمهور في كلا البلدين. في بعد آخر، لكنه شديد الاتصال، أخذت ملامح النظام الإقليمي في الشرق الأوسط، مع بداية العقد الثالث من القرن الحادي والعشــرين، تتغير بوتيرة متسارعة، مدفوعة بجملــة من التحــولات العميقة، في مقدمتها تراجع حضور بعــض القوى التقليدية (مثل مصر وســوريا)، وبروز فاعلين جدد مــن غير الدول، وتعاظم دور التحالفات غير الرسمية. أســهم هذا التحول البنيوي في تقويض قواعد الاشــتباك القديمة، وفتح المجال أمام فاعلين إقليميين مثل إيران وإســرائيل لتوســيع نفوذهم عبر مسارات متقاطعة، بلغت ا ًا . إذ برزت إيران فاعل 2025 ذروتها في مواجهة عسكرية مباشرة، في يونيو/حزيران حيويًًّا في أكثر من ســاحة، مســتفيدة من هشاشــة المنظومات الأمنية والسياسية في " المقاومة الإسلامية " العراق وســوريا ولبنان واليمن. ووجدت في تصديــر نموذج وســيلة لتعزيز شرعيتها داخليًّّا، وخلق أوراق ضغط خارجية في وجه خصومها. كما نجد، في المقابل، أن إســرائيل كثََّفت إســتراتيجيتها الوقائيــة عبر الضربات الجوية الردع " والســيبرانية، وعبر التحالفات الإقليمية الجديدة مع دول الخليج ضمن إطار . وقد فاقم انسحاب الولايات المتحدة التدريجي من ملفات الشرق الأوسط " المحيط -في ظل أولوياتها المتزايدة تجاه محور آســيا وروســيا- من حدة التوتر؛ إذ بدا أن
Made with FlippingBook Online newsletter