259 |
يونيو/حزيران، بعدما شــهد اختراقات من 24 توقــف إطلاق النــار، صبيحة يــوم الجانبيــن، لكنه جرى بناء على تفاهمات سياســية وليــس بموجب اتفاق ملزم؛ مما جعله مجرد إجراء هش لا يُُنهي حالة الحرب التي اندلعت فعليًًّا بين الطرفين. ا عن الآثار العســكرية المباشــرة فقد امتد التصعيد ليشــمل مضامين نفســية وفضل ًا وجيوسياســية واضحة؛ إذ كشــفت الأحــداث عن تراجع صــورة الحصانة والدفاع المطلق لإســرائيل من الهجمات المباشرة، وتنامي مخاوف شعبية انعكست بوضوح مــن خلال معدلات الإخلاء الجماعي والانهيــارات الجزئية في منظومات الإنذار، وهــو ما غيََّر بشــكل واضح من معادلات الــردع التقليدية في المنطقة، كما أظهرت نتائــج الحــرب بجلاء انزياح ًًا ملحوظ ًًا في موازين القوى الإقليمية ومســارح التأثير المتبادلة؛ مما يمثل تطورًًا مهم ًّّا في دراســة مدى هشاشــة منظومات الردع الإقليمية انتهــت حرب الاثني عشــر يومًًا دون منتصر واضح. فرغم الضربات القاســية التي وجهتها إســرائيل وأميركا لمنشــآت نووية إيرانية، ورغم الصواريخ الإيرانية الدقيقة التي وصلت إلى قلب تل أبيب وباقي أهم المدن الإسرائيلية الأخرى، لم تنجح أي من القوتين في تغيير موازين الردع جذريًّّا. اقتصاديًّّا، تكبد الطرفان خسائر كبيرة؛ حيث تعرضت المنشآت الحيوية الإيرانية للكثير من الخســائر، أما إسرائيل، فشــهدت ركودًًا طارئًًا في قطاعات المال والتكنولوجيا، وتضررت بنيتها التحتية، خصوص ًًا في قطاعي الطاقة والنقل. أمــا عســكريًّّا، فقد تســببت الضربات الإســرائيلية بمقتل بعض من أهــم القيادات العســكرية الإيرانية، لكن نتائج الضربات التي استهدفت المنشآت النووية ظلت غير واضحــة على وجــه اليقين، وانتهت الحرب باحتفاظ الطرفيــن بقدراتهما الهجومية الجوية والصاروخية على وجه الخصوص. ولم تُُفض الحرب إلى أي تســوية سياســية شاملة، بل أنتجت توازنًًا هش ًّّا، وأعادت خلــط أوراق التحالفات الإقليميــة والدولية، ودفعت عدة أطراف -مثل تركيا ودولة وعناصر الاستقرار الإستراتيجي في الشرق الأوسط. ثالثًًا: ما بعد الحرب: إعادة تشكيل البيئة الإقليمية
Made with FlippingBook Online newsletter