العدد 27 من مجلة لباب

47 |

مقدمة ا، يحظى باهتمام كبير ا معرفيًًّا مســتقل ًّا لم يكن موضوع الاســتخبارات، بوصفه حقلًا في الأوساط الأكاديمية أو في المجال العام، خصوص ًًا من حيث تحليل طبيعة عمل الأجهزة الاســتخباراتية، ومســاءلة أدوارها ضمن الأطر المؤسسية للدولة. وقد ظل هذا الموضوع لفترة طويلة محكومًًا بالســرية المؤسسية والانغلاق، سواء من جانب الفاعليــن الأمنييــن أو من جانب النخب البحثية التي ترددت في مقاربة هذا المجال بحثيا لأسباب متعددة. غير أن سلسلة من التحولات الأمنية والسياسية الكبرى، وفي ، والغزو 2005 ، وهجمات لنــدن، عام 2001 ســبتمبر/أيلول 11 مقدمتهــا هجمات ، دفعت إلى إعادة النظر في هذا الإهمال البحثي، 2003 الأنغلو-أميركي للعراق، عام وأثارت أسئلة جديدة حول حدود الاستخبارات، وجدوى ممارساتها، وموقعها ضمن المنظومة الديمقراطية. في هذا السياق، برزت بريطانيا كحالة بحثية مثيرة للاهتمام؛ حيث عرف هذا الحقل الأكاديمي مســارًًا متدرج ًًا وفريدًًا، يختلف من حيث الخصوصية المؤسسية والسياق السياســي عن تجارب أخرى، لاســيما النموذج الأميركي. فبينما شــهدت الولايات المتحدة نوعًًا من التراكم البحثي المبكر نسبيًًّا في حقل الدراسات الاستخباراتية، ظل ا شبه محظور، يعاني من التعتيم هذا المجال في بريطانيا، حتى نهاية الثمانينات، مجالًا والقيود القانونية الصارمة. لكن، ومع تعاقب التحولات السياسية، وضغوط المجتمع المدني، وتزايد التقارير الإعلامية التي ســلََّطت الضوء على أنشــطة الاســتخبارات وخلفيــات بعض العمليات الأمنية، بدأت مؤسســات الدولة البريطانية تتجه، بحذر، نحو رفع جزئي للســرية، وإتاحة بعض المواد الأرشيفية والوثائق الاستخباراتية التي كانت محظورة سابقًًا؛ مما مه ََّد الطريق أمام الباحثين للاقتراب من هذا الحقل وتطوير أدوات بحثية لفهمه. وعليه، تهدف هذه الدراســة إلى تحليل المســار التاريخي والمؤسســي الذي أفضى ، وتسليط " المدرســة البريطانية في الدراســات الاستخباراتية " إلى نشــوء ما يُُعرف بـ الضوء على العوامل التي أســهمت في تبلورها كتيار بحثي مستقل ذي خصوصيات منهجيــة ومعرفيــة واضحة. كما تهدف إلى فهم الكيفية التــي انتقل بها هذا الحقل

Made with FlippingBook Online newsletter