| 52
من صدمة سياســية وإعلامية، في إحياء هذا الموضوع داخل الرأي العام، وإن بقي ذلك في إطار محدود. كما بدأ منذ مطلع الســبعينات عدد من ضباط الاســتخبارات السابقين بكتابة مذكراتهم وسيرهم الذاتية التي تناولت، بدرجات متفاوتة من الجرأة، الســرية " ). ويمكن اعتبار هذه الديناميكية التفاعلية بين 4 نشــاطاتهم داخل الجهاز( نقطة انطلاق أولية لظهور خطاب استخباراتي " الانكشاف غير الرسمي " و " المؤسسية جديد يتجاوز الصورة الدعائية التي دأبت الدولة على تصديرها. ومع مرور الوقت، أصبح موضوع التجسس رائج ًًا في الأدب الإنجليزي، وخصوص ًًا خلال الحرب الباردة، التي وفرت أرض ًًا خصبة لتخيل عمليات الاستخبارات وتحليل ،) John Le Carré أبعادها السياسية. وفي هذا الإطار، تبرز روايات جون لو كاريه ( الضابط الســابق في الاستخبارات البريطانية، التي لاقت رواج ًًا واسعًًا رغم انتقاداتها الصريحة للسياسات البريطانية، وخصوص ًًا فيما يتعلق بتدخلاتها الخارجية في إفريقيا ). وعلى الرغم من القوانين الصارمة التي تجرِِّم 5 وأميركا اللاتينية بعد الحرب الباردة( إفشــاء المعلومات الاستخباراتية، فقد تمكن العديد من الضباط السابقين من الكتابة )؛ مما شك ََّل أحد أبرز 6 حول هذا المجال، وإن بأساليب روائية أو أدبية أو ساخرة( مفارقات التقليد البريطاني: ففي حين تُُطبق قواعد قانونية صارمة تمنع الكشــف غير المصرح به، إلا أن الكتابة عن الاســتخبارات، في شــكل من الأشكال، كانت أكثر شيوعًًا في بريطانيا منها في أي بلد آخر. وقد أســهم هذا التوتر البنيوي بين مطلب الســرية الرســمي وحالات الانكشــاف محظور " المجتمعــي في تهيئة بيئة فكرية مواتية لتحويل الاســتخبارات من موضوع إلى مجال مفتوح للنقاش والتحليل الأكاديمي. فمع تزايد التسريبات، وانتشار " معرفي ًًّا المذكرات الشخصية، والضغط الإعلامي المتصاعد، بدأ يتشكل حقل معرفي يتجاوز الرواية الرسمية، ويتجه إلى تحليل بنية العمل الاستخباراتي من حيث التنظيم، والثقافة المؤسسية، ونمط الأداء. ا عن التحولات السياســية التي عرفتهــا بريطانيا منذ هــذا التحول لــم يكن معزولًا السبعينات، خاصة فيما يتعلق بتوسيع هامش المساءلة البرلمانية، وتنامي دور الإعلام الاســتقصائي، والانفتاح المتدرج في السياســات الأرشــيفية. وبهذا، بدأت ملامح المدرســة البريطانية في الدراسات الاســتخباراتية تتبلور، لا من حيث الموضوعات
Made with FlippingBook Online newsletter