العدد 27 من مجلة لباب

55 |

ا من حجبها ومن أبرز التطورات في هذا الســياق تبني سياســة تعديــل الوثائق بدلًا بالكامل، من خلال إخفاء أســماء الأشخاص والمواقع الحساسة؛ مما أتاح للباحثين شـ ًا أوســع من الاطلاع الأكاديمي، مع المحافظة على مقتضيات الأمن القومي. � هام حيــز التنفيذ نقلة نوعية، 2005 لعام " قانون حريــة المعلومات " وقد شــك ََّل دخول رغم اســتثناء وكالات الاستخبارات من نطاقه؛ إذ بات بالإمكان الوصول إلى وثائق محفوظــة لدى هيئات حكومية أخرى؛ مما وفََّر للباحثين مداخل غير مباشــرة لفهم البنية الوظيفية والأداء المؤسسي للاستخبارات البريطانية. إن التحــولات التراكمية التي شــهدها حقل الاســتخبارات فــي بريطانيا منذ أواخر الثمانينات -من صدامات الحكومة مع ضباط سابقين، وضغوط الإعلام والأكاديميا، إلى الإصلاحات القانونية والرقابية- قد أسهمت في بلورة حقل أكاديمي جديد يُُعرف . ولم تنشأ هذه المدرسة فقط " المدرسة البريطانية في الدراسات الاستخباراتية " اليوم بـ استجابة للرغبة في فهم الدور الاستخباراتي من منظور علمي، بل تأسست أيض ًًا على تفاعل معقد بين رفع الســرية التدريجي، وتزايد الطلب الجامعي على تحليل الأمن القومي، والتحول من السرديات الأمنية إلى التحليل النقدي لدور المخابرات في صنع السياسات الداخلية والخارجية. وقــد أتــاح هذا الســياق الأكاديمي تأســيس تقليــد بريطاني مميز في الدراســات الاســتخباراتية، يجمع بين التحليل الوثائقي المنهجي، والفهم السياســي والمؤسسي لديناميكيــات صنــع القرار والرقابة، مــع توظيف أدوات المنهــج التاريخي وعلوم السياسة والعلاقات الدولية. وعليه، فإن هذه المدرسة تمثل تجربة أكاديمية نابعة من واقع سياسي خاص، وتقدم نموذجًًا مغايرًًا للمدرسة الأميركية التي تطورت في بيئة أكثر انفتاحًًا ووفرة في الوثائق. ثانيًًا: مصادر ومناهج الدراسات الاستخباراتية في بريطانيا بدأت بعض المحاولات لكتابة تاريخ الاســتخبارات البريطانية منذ ســتينات القرن ، 1984 العشــرين، لكنها قوبلت بمقاومة شــديدة، خاصة من قبل الحكومة. ففي عام الاســتخبارات البريطانية " لـ َف جوناثان بلــوش وباتريك فيتزجيرالــد كتابًًا بعنوان � أ ، تطرقا فيه إلى أبرز العمليات " وعملياتها السرية في إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط

Made with FlippingBook Online newsletter