59 |
الوثائق، مع التأكيد على حماية عملائها، لا تزال هيئة الاستخبارات السرية البريطانية أكثر تحفظًًا. فقد امتنعت الأخيرة عن رفع الســرية عن تفاصيل حساســة، مثل قضية )، التــي تضمنت معلومــات عملياتية دقيقة ومحاضر اســتخلاص 18 بينكوفســكي( معلومات أجراها ضباط بريطانيون وأميركيون، بالإضافة إلى خرائط وكلمات سرية. ومن أبرز أسباب التحفظ البريطاني، استمرار استخدام بعض الأساليب القديمة، مثل ) التي استُُخدمت في تعمية الرسائل خلال الحرب العالمية الثانية، Enigma آلة إنغما ( ). ومع ذلك، يرى البعض أن العديد من 19 من قبل دول أخرى حتى ما بعد الحرب( تلك الأســاليب القديمة لم تعد تحمل حساســية أمنية بالغة، ما يستدعي إعادة النظر في استمرار حجبها باسم الأمن القومي. في ضوء ما تقدم، تبين أن المدرسة البريطانية في الدراسات الاستخباراتية تقوم على تقاليد عريقة وتجربة متراكمة، وتقدم نموذجًًا علميًًّا فريدًًا يتكامل فيه البعد التاريخي مع التحليل المؤسســي والسياســي؛ ما يجعلها مرجعية مهمــة في فهم العلاقة بين الاستخبارات والسياسة والأمن في السياق الغربي الحديث. ثالثًًا: مضامين المدرسة البريطانية وإشكاليات الاستلهام العربي تطورت الدراسات الاستخباراتية بوصفها فرعًًا أكاديميًًّا بشكل بطيء وانتشار محدود سـ ًا إلى الطابع الســري الذي يحيط بهذا � داخل الجامعات العالمية، ويُُعزى ذلك أسا المجال، بالإضافة إلى تردد الأوســاط الأكاديمية في التعامل المباشــر مع الأجهزة الاستخباراتية، خشية الوقوع تحت ضغوط أو استهداف من قبل المؤسسات الأمنية. ومع ذلك، بدأ العديد من الجامعات، في دول مختلفة، بإدراج برامج تدريس وبحوث متخصصة تتناول الاستخبارات كظاهرة سياسية وأمنية تستحق الدراسة والتحليل. وقد شــهدت بعض الجامعات، لاســيما في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وألمانيا وإســرائيل، تقديم دورات متخصصة في الدراسات الاستخباراتية خلال فترة الحــرب الباردة، بينما ظلت معظم البرامج الأكاديمية في العلاقات الدولية، والعلوم .) 20 السياسية، والتاريخ، وتحليل النزاعات، تتجنب تناول هذا الموضوع بشكل مباشر( وقد شــهد ربع القــرن الأول الذي أعقب الحرب العالمية الثانيــة ازدهارًًا ملحوظًًا في البرامج الأكاديمية المتعلقة بالعلاقات الدولية، والتاريخ الدبلوماســي، ودراسات
Made with FlippingBook Online newsletter