العدد 27 من مجلة لباب

63 |

ورغــم نــدرة المحاولات في الــدول الغربية لتطبيق المحاكاة كوســيلة تعليمية في الفصول الدراسية الخاصة بالدراسات الاستخباراتية، فإن بعض النماذج تُُظهر فاعلية هذا النهج. فعلى ســبيل المثال، في برنامج الماجســتير في الدراسات الاستخباراتية Philip H )، يســتخدم الأســتاذ فيليــب ديفيس (. Brunel والأمنية بجامعة برونيل ( لتعريف طلاب الدراسات العليا بآليات " المشــروع الجماعي " ) أســلوب J . Davies " التقييم " التحليــل الاســتخباراتي البريطاني، والــذي يُُعرف في بريطانيــا بمصطلح من أكثر الأدوات التعليمية " تمارين التقديرات " ). ويُُعد هذا النوع من Assessment ( شيوعًًا في تدريس الاستخبارات؛ حيث يضع الطلاب أمام تحديات صياغة " النشطة " ا ًا ا فعال تنبؤات بعيدة المدى حول الشؤون العالمية. وتتميز هذه التمارين بكونها بديلًا عن الطرق البحثية التقليدية، وقد أســهمت في إنتاج مؤلفات أكاديمية كتبها الطلاب أنفسهم استنادًًا إلى هذه التجربة التعليمية. )، من كلية Kristan J . Wheaton وبالمثــل، يعتمــد الأســتاذ كريســتيان ويتــون ( )، منهجًًا غير تقليدي في تدريســه؛ حيث يســتخدم Mercyhurst ميرسيهورســت ( الحواسيب وبرامج الألعاب الإلكترونية أداة لتدريب الطلاب على الإستراتيجية الوطنية للاستخبارات في الولايات المتحدة. ويؤكد هذان النموذجان -في بريطانيا والولايات المتحدة- فعالية منهج المحاكاة في التعليم، إلى جانب الإستراتيجيات التقليدية، لما .) 28 له من أثر ملموس في تعميق فهم الطلاب وتقديرهم للمادة الأكاديمية( رغم ما شاب التجربة البريطانية من ترددات مؤسسية وتوتر دائم بين مقتضيات السرية ومتطلبات الانفتاح، فإنها تُُعد نموذج ًًا رائدًًا لتحول الدراسات الاستخباراتية من مجال محظور إلى حقل أكاديمي معترف به، يخضع لمنهجية البحث العلمي وآليات المساءلة الديمقراطية. ويطرح هذا النموذج، بما له وما عليه، تساؤلات جوهرية عند محاولة اســتحضاره في الســياقات العربية: هل تســتطيع الدول العربية، بما تنطوي عليه من خصوصيات سياسية وقانونية وثقافية، أن تسلك مسارًًا مشابهًًا؟ وهل يمكن الحديث، في ظل هيمنة الســرية وضعف الشفافية وقيود الوصول إلى المعلومات، عن ملامح أولية لتأسيس حقل أكاديمي عربي في الدراسات الاستخباراتية؟ في هذا الإطار، تكتســب محاولة إســقاط التجربة البريطانيــة أهميتها، لا باعتبارها نموذجًًا جاهزًًا للاستنســاخ، بل بوصفها مصدرًًا غنيًًّا بالدروس والمفارقات التي قد

Made with FlippingBook Online newsletter