75 |
أهمية الدراسة تنبع أهمية هذه الدراســة من ســعيها إلى تقديم رؤية واضحة حول ضرورة اســتقاء قواعد النظام السياسي من ثقافة المجتمع؛ إذ إن فهم الثقافة المجتمعية وإدراك دورها الجوهري يُُعد شــرطًًا أساسيًًّا لكل من يطمح إلى بناء أنظمة سياسية فعََّالة ومستقرة. كما تتعزز أهمية هذه الدراسة في ظل الحاجة المتزايدة إلى هذا النوع من الأبحاث، لاســيما تلك المعنية بإعادة بناء الأنظمة المنهارة، في مرحلة تاريخية دقيقة تمر بها المنطقة العربية؛ حيث يشهد عدد غير قليل من الدول حالة ممتدة من عدم الاستقرار منذ اندلاع الثورات العربية قبل نحو عقدين من الزمن. ومن هذا المنطلق، تبرز الحاجة إلى دراســات تُُســلِِّط الضوء على القواعد الأساسية التي ينبغي أن يُُبنى عليها النظام السياســي، وهو ما تسعى هذه الدراسة إلى معالجته من خلال تركيزها على دور الثقافة في بناء النظام السياسي. ونرى أن وجود مثل هذه الدراسة يُُعد أمرًًا بالغ الأهمية ضمن المكتبة العربية، نظرًًا إلى ما تمثله من استجابة معرفية ملح ََّة لحاجات المرحلة الراهنة. منهج الدراسة يوجد العديد من المناهج العلمية التي تناولت دراســة العلوم السياســية بوجه عام، ). أما بالنســبة للمنهجية المعتمدة في هذه 1 ودراســة النظم السياســية بوجه خاص( الدراســة، فهي لا تقتصر على منهج واحد بعينه، بل تســتفيد من عدد من المناهج العلمية في بناء منهج مركب يخدم أهداف هذه الدراسة، التي تبحث في العلاقة بين الثقافة السياسية وبناء نظام سياسي فعال ومستقر. وتُُعالج هذه المناهج هذا البعد من زوايا مختلفة، نرى أنها تخدم غرض الدراسة إذا ما أُُبرزت بشكل علمي ضمن إطار منهجي مركب يتيح إجراء البحث بمنهجية رصينة. تلعب الثقافة دورًًا أساسيًًّا في تحديد القواعد التي تنظم سلوك المجتمع في مختلف تفاعلاته السياســية والاجتماعية والاقتصادية، كما تؤثر القيم الثقافية بصورة مباشــرة في طبيعة النظام السياســي. ويُُبرز منهج الثقافة السياســية هذا الارتباط الوثيق بين طبيعة النظام السياسي والثقافة السائدة في المجتمع؛ إذ يشير إلى أن النظر إلى النظام السياســي لا يكتمل من دون فهم بيئته الثقافية. فالقيم والاتجاهات السياسية للأفراد
Made with FlippingBook Online newsletter